العينية من المبصرات والمسموعات والمذوقات والمشمومات والملموسات ؛ [و] هو المبدأ والمنشأ للعلم الحصولي والحضوري بالكلّ ؛ وأمّا النفس فلقصورها ونقصانها وعدم ارتباطها بالأشياء العينية يفتقر في العلم بالأشياء إلى قوى زائدة على ذاتها ؛ فيفتقر إلى بعضها لإدراك الحقائق وإلى بعضها لإدراك المعاني الجزئية وإلى بعضها لإدراك وجودات الأشياء العينية من المبصرات والمسموعات وغير ذلك هو المعبّر عنه بالإحساس ؛ وهذا التفصيل والتوضيح في علم النفس يقرّر ويؤكّد ما قرّرناه من ثبوت العلمين ـ أعني الحصولي والحضوري ـ كليهما للواجب ، كما أشرنا إليه في ما سبق. / B ١٥١ /
[في كلامه تعالى]
قد تواتر من الأنبياء وأطبقت الشرائع كلّها على أنّه تعالى متكلّم ؛ إذ ما [من] شريعة إلّا ورد فيها أنّه سبحانه أمر بكذا ونهى عن كذا وأخبر بكذا ؛ وكلّ ذلك من أقسام الكلام ؛ وقد اختلفوا في معنى كلامه وفي قدمه وحدوثه على أقوال لا حاجة لنا إلى ذكرها ، بل نشير إلى ما هو الحقّ عندنا.
فنقول : الكلام يطلق على ثلاثة معان :
أحدها : القدرة على إحداث الأصوات والحروف في جسم من الأجسام وقوّة إلقائها إلى الغير.
وثانيها : نفس هذا الإحداث والإلقاء ؛ وهو المعنى المصدري.
والغالب اختصاص كلّ من هذين المعنيين باسم التكلّم دون الكلام سيّما المعنى الأوّل.
وثالثها : ما به التكلّم ؛ أي نفس الحروف والأصوات.
ثمّ لا ريب في أنّ تكلّمه سبحانه بالمعنى الأوّل هو بعينه قدرته على خلق