على أنّه لو سلّم أنّ هذا العرضي المنتزع عن ماهيّات الممكنات أو عن وجوداتها التي فرض أنّها أفراد الوجود المطلق وهو عارض لها نقول : إنّ تلك الوجودات لمّا كانت عوارض الماهيّات ـ على ما هو الفرض ـ فإمّا أن لا تكون لها حقائق وراء هذا المعنى العرضي ؛ وهذا مع كونه خلاف الفرض يبطل كون العامّ عرضيا لها ، بل يلزم أن يكون ذاتيا لها ، وإمّا أن تكون لها حقائق وراء هذا المعني العرضي ؛ فحينئذ إمّا أن تكون تلك الوجودات أعراضا وعرضيات الماهيّات ؛ فتكون أعراضا خارجية مثل السواد والبياض والحرارة والبرودة ؛ وهو باطل لم يقل به أحد وإمّا أن تكون امورا عينية أصيلة (١) معروضة للماهيّات ؛ فلم يقل به الخصم ؛ أو أجزاء الماهيّات فلم يقل به أيضا أحد مع أنّه يلزم تحصّل الماهيّة من الوجود وممّا ليس بوجود ولا موجود.
[المقام الثاني]
في بيان التوحيد الصفاتي أي كون صفاته عين ذاته
وكأنّك بعد ما عرفت معنى عينية الوجود في الواجب وزيادته في الممكن وكذا كيفية اشتراكه بينهما ، يمكنك أن تعرف ذلك في ساير صفاته تعالى بالمقايسة. / B ٩٧ /
وتحقيقه : أنّ الوجود كما له معنيان :
أحدهما : المعنى المصدري ؛ أي الوجود العامّ المعبّر عنه بالظهور الخارجي
وثانيهما : الوجود الحقيقي القائم بذاته الذي هو منشأ انتزاع هذا الوجود
كذلك للصفات معنيان :
أحدهما : المعاني الانتزاعية المصدرية ، كالظهور الإشراقي الانكشافي و
__________________
(١). س : اصلية.