الصور العلمية ؛ فيكون عالما بذاته ؛ إذ العلّة أشرف من المعلول والعالم من الجاهل ؛ وفيّاض العلوم وملهمها عالم بالضرورة العقلية ؛ ومن علمه بذاته وكونه مبدأ لجميع الموجودات يثبت عموم علمه ؛ أي كونه عالما بجميع الموجودات معقولة كانت أو محسوسة ، كلّية كانت أو جزئية ؛ إذ العلم بالعلّة يستلزم العلم بالمعلول.
[الخامس :] الحكم والمصالح المودعة في الموجودات على ما يخبر عنه قوّة التفكّر يدلّ على كون موجدها عالما بها ؛ وهذا أمر في غاية الظهور ؛ فيكون واجب الوجود عالما بجميع الموجودات.
[في كيفية علمه تعالى]
اعلم أنّه لا خلاف بين العقلاء في كونه تعالى عالما بذاته وبجميع الموجودات وإنّما اختلفوا في كيفية علمه تعالى ؛ وتحقيق ذلك مع ساير ما يتعلّق بمبحث علمه (١) تعالى إنّما يتمّ ببيان امور :
[الأوّل :] العلم إمّا حصولي [و] هو ما يكون بارتسام صور المعلومات ، كعلمنا بمهيّة الإنسان وحقيقة السماء والكواكب وغيرها أو حضوري وهو ما يكون بحضور ذوات المعلومات وانكشافها عند العالم ، كعلمنا بأنفسنا وقوانا وما ارتسم فيها.
ولا بدّ في الحضوري بعد تجرّد المدرك من وجود المعلوم في الخارج وثبوت ربط بينه وبين العالم ليصحّ انكشافه لديه ؛ ولو لا اشتراط الارتباط بينهما لكان كلّ مجرّد عالما بجميع الأعيان الخارجية ، وهو باطل ، لعدم انكشاف أكثرها عند أكثر النفوس المجرّدة ؛ والربط المصحّح إمّا كون المدرك نفس المدرك أو آلة له أو معلولا له.
__________________
(١). س : بعلمه.