بالذات مترتّبة منه دونها بالموجود في الخارج هو الوجودات الخاصّة دون الماهيّات. كيف والمحكوم بتقدّمه على كلّ اتّصاف وبمنعه عن طريان العدم لا يجوز أن يكون أمرا عدميا ومنتزعا عقليا. فما هو إلّا حقيقة متحقّقة في الواقع مسمّاة بالوجود الحقيقي ؛ وهو عين الحقيقة والتحقّق إلّا أنّه شيء متحقّق.
فما قيل : «إنّ الحكم بتقدّم الوجود على فعلية الماهيّة غير صحيح ؛ إذ ليس للوجود معنى حقيقي إلّا الانتزاعي» مردود بما قرّرناه من كون الوجود الحقيقي غير الانتزاعي وأنّه المتحقّق في الخارج ، والمحكوم بتقدّمه على فعلية الماهيّات وتقرّرها ، ولولاه لم يكن لها فعلية وتقرّر.
[في كيفية اتّحاد الماهيّة والوجود واتّصافها به]
لمّا تقدّم مرارا أنّ الماهيّة متّحدة مع الوجود بضرب من الاتّحاد وأنّها منتزعة منه فاعلم أنّ جهة الاتّحاد في كلّ متّحدين هو الوجود ـ سواء كان اتّحادا بالذات كاتّحاد الإنسان بالوجود أو الحيوان ، أو بالعرض / A ١٧ / كاتّحاده بالأبيض ـ ولولاه لم يعقل الاتّحاد بين شيئين ؛ إذ بدونه (١) لا تحقّق لشيء حتّى يتصوّر اتّحاده مع آخر في الخارج.
فجهة الاتّحاد بين الأوّلين هو نفس الموجود المنسوب إلى الإنسان بالذات ؛ وبين الأوسطين هو الوجود المنسوب إليهما بالذات ؛ وبين الأخيرين هو الوجود المنسوب إلى الإنسان بالذات وإلى الأبيض بالعرض. فالاتّحاد بين شيئين فرع اتّحادهما في ما به التحقّق ؛ أعني الوجود ما به التحقّق نفس أحدهما ، كما في اتّحاد (٢) الماهيّة بالوجود ؛ أو لا ، كما في اتّحاد الحيوان بالإنسان ؛ وعلى أيّ تقدير لا يمكن استقلال كلّ منهما بالتحصّل والتحقّق وإلّا بطل الاتّحاد وكان لكلّ منهما
__________________
(١). س : اربذونه.
(٢). س : اتحاذ.