[في حضرات الأسماء والصفات ، والعوالم التي هي أفعاله تعالى ومظاهر أسمائه وصفاته ، وكيفية الصدور]
لا ريب / A ٦١ / في أنّ الفعل معناه التأثير أو الأثر نفسه والصفة مبدأ والاسم في شأنه إنّما يطلق على الذات المقدّسة مع ملاحظة صفة من صفاته ؛ لأنّ ملاحظة الذات بذاته من حيث ذاته غير ممكن ؛ وكما أنّ صفاته تعالى بكثرتها منحصر اصولها في أربعة أقسام فكذلك أسمائه الحسنى منحصر في هذه الأربعة ، لما عرفت من أنّها يطلق على الذات بملاحظة الصفات.
وبيان التربيع في صفاته أنّ صفاته تعالى إمّا سلبية أو ثبوتية ، والسلبية صفات مفهوماتها السلوب المضافة إلى أشياء اخر كان يلاحظ فيها نفي ما لا يليق بجنابه وسلب ما لا ينبغي أن يسند إلى بابه من نقائص الحدثان وقصورات الإمكان ؛ وذلك كالغنى والتسبيح والتقديس ، والأسماء بإزائها الغنيّ والسبّوح والقدّوس ؛ والثبوتية صفات مفهوماتها ثبوت أمر ليس سلبيا وهي إمّا مفهومها مجرّد الإضافة كالخالقية والرازقية ؛ والاسم في هذه المرتبة كالخالق والرازق ؛ ويسمّى هذا القسم عند بعض بصفات الفعل وعند آخرين ترجع هذه الإضافات كلّها إلى أمر واحد هو صفة الذات ـ أعني المبدئية للكلّ ـ أو مفهومها أمر ثبوتي سوى الإضافة ؛ وهذا القسم إمّا لا يحتاج في الحقيقة إلى الإضافة إلى الغير ولا تعرضه الإضافة أيضا كالحياة والبقاء ؛ والاسم في هذه المرتبة مثل الحيّ والباقي ؛ وإمّا لا يحتاج في الحقيقة إلى الإضافة لكن تعرضه الإضافة ، كالعلم والقدرة والسمع والبصر ؛ والأسماء في هذه المرتبة كالعالم والقادر والسميع والبصير ؛ فإنّ كونه عالما وقادرا لا يتوقّف على وجود المعلوم والمقدور وكذا كونه سميعا وبصيرا ؛ لأنّه تعالى عالم إذ لا معلوم وقادر إذ لا مقدور وسميع وبصير وإن لم يكن مسموع ولا مبصر إلّا أنّه تعرض لهذه الصفات الإضافة إلى الغير.