[في ما يراد من عينية الوجود وذات الواجب ، وما يرد عليه]
اعلم أنّه على ما أصّلناه من كون صرف الوجود أمرا أصيلا قائما بذاته متحقّقا بنفسه هو الواجب وكون الوجود العامّ أمرا انتزاعيا محضا ومن عدم حصول الموجودية به لا يرد إشكال على العينية كما ذكرناه.
وعلى ما ذهب إليه جماعة من انحصار الوجود بهذا العامّ الاعتباري يرد على العينية أنّ الوجود لا يكون عين ذات الواجب ؛ لأنّ الوجود أمر انتزاعي غير أصيل وذات الواجب أصيل قائم بذاته ؛ وكيف يمكن أن يكون الاعتباري عين الأصيل المتحصّل؟!
وأيضا : ذاته مجهول الكنه والحقيقة ، والوجود العامّ بديهي التصوّر ؛ وهما متنافيان ؛ فلا يجوز اتّحادهما.
وقد أجاب بعضهم عنه بأنّ المراد بالعينية هو العينية المجازية بمعنى أنّ ذات الواجب / B ٩٥ / تعالى نائب مناب الوجود في كونه سبب الوجود نفسه ومنشأ لانتزاع حقيقة الوجود عنه من غير علّية ومعلولية وتأثير وتأثّر ومن غير مدخلية شيء آخر في هذا الانتزاع.
ومحصّله : أنّ ذاته تعالى بحيث يصحّ انتزاع صفة الوجود عن حاقّ حقيقته وموجوديته بذاته لذاته ـ سواء حصل هذا الانتزاع بالفعل أم لا ـ فمنشأ انتزاع صفة الوجود في الممكن نحو جعل الجاعل أو ارتباطه به أو أمرا آخر غير ذاته وفي الواجب محض ذاته بذاته. فذاته عين الوجود بهذا الاعتبار ؛ أي من حيث إنّه نائب مناب الوجود في المنشئية لتحقّق ذاته ولانتزاع الوجود العامّ عنه وإن لم يكن حقيقة الوجود وكان الوجود زائدا عليه في الذهن وفي لحاظ العقل. فذات الواجب ليس وجودا بالحقيقة إلّا أنّه لمّا كان نائبا مناب الوجود في منشئيته