[في دفع الشبه الواردة على أصالة الوجود]
قد أورد على أصالة / A ١٤ / الوجود وكونه حقيقة عينية شبه ضعيفة فلنشر إلى دفعها :
[الأولى :] أنّ الوجود لو كان حاصلا في الأعيان لكان موجودا ؛ إذ الحصول هو الوجود وكلّ موجود له وجود ولوجوده أيضا وجود وهكذا إلى غير النهاية.
وجوابه : أنّه موجود بذاته ومتحقّق بنفسه من دون افتقاره إلى وجود آخر ، بل هو الموجود بالذات وموجودية غيره به ولو لا تحقّقه بذاته لم يتحقّق به غيره ؛ إذ غير المتحقّق لا يكون محقّقا لغيره ؛ ولو لم يطلق الموجود إلّا على ما ثبت له الوجود وزاد على ذاته لم يطلق على الواجب لكونه صرف الوجود. مع أنّ إطلاقه عليه مجمع عليه وعدم إطلاقه إلّا عليه لغة لو ثبت غير قادح ؛ إذ الحقائق لا يقتنص من العرف واللغة ؛ وقد قام البرهان على أنّ ما يوجد به الغير أولى بأن يكون موجودا ، كما أنّ البياض أولى بأن يكون أبيض والضوء أولى بأن يكون مضيئا ؛ ولذلك لا يختصّ الموجود في عرف الحكماء بما زاد عليه الوجود ، بل يعمّه كالماهيّة الموجودة وما هو عين الوجود كالواجب. وقد صرّحوا بأنّ الوجود موجود بذاته. قال الشيخ : «إذا سئل : هل الوجود موجود أو ليس بموجود؟ فالجواب انّه موجود. فإنّ الوجود هو الموجودية.»
واحتجّوا على ذلك بأنّ التقدّم بين الزمانيات بالزمان وبين أضرابه بالذات ؛ وصرّح صاحب الإشراق بأنّ المفارقات إنّيات صرفة ووجودات محضة ؛ والعجب أنّه مع هذا التصريح قال باعتبارية الوجود.
ويؤيّد المطلوب قول الشريف : «إنّ مفهوم الشيء لا يعتبر في مفهوم الناطق مثلا وإلّا لكان العرض العامّ داخلا في الفصل ؛ ولو اعتبر في المشتقّ ما صدق عليه الشيء انقلب مادّة الإمكان الخاصّ ضرورية ؛ لأنّ الشيء الذي له الضحك