الوجهين وخرج من الوجود إلى العدم ؛ وهذا هو أحد الاحتمالين ، بل هو القدر المشترك بين الاحتمالات الأربعة.
قلت : البون بينهما ظاهر لا يخفى ؛ والفرق بينهما من الثرى إلى الثريّا ؛ فإنّ مبنى الاحتمالين الأوّلين على استناد جميع الممكنات / B ١٤٢ / الموجودة إلى القدرة الإلهية بأحد الوجهين لا أن يكون بعضها مستندا (١) إلى قدرة اخرى بالاستقلال مع تجويز تصوّر بعض الممكنات الذاتية والغيرية في السلاسل الطولية والعرضية ؛ ومبنى ما ذكرناه على تعلّق القدرة بإيجاد كلّ ممكن ذاتي وغيري فيها وصدور الجميع بالقدرة الكاملة وعدم خروج شيء منها عن تعلّقها.
[في إرادته تعالى]
ومن صفاته الكمالية الإرادة ؛ وقد اتّفق الملّيّون والحكماء (٢) على كونه تعالى مريدا وغير خفيّ أنّ إيجاد العالم منه تعالى إنّما يتحقّق بإرادته تعالى ؛ فإرادته (٣) ما يصير سببا للإيجاد.
وهي عند المشّائين من الحكماء عبارة عن العلم بنظام الخير ؛ لأنّهم قالوا : إنّ العلم الحصولي العقلي بالأشياء هو سبب إيجادها.
وعند الإشراقيّين منهم هي العلم بنفس ذاته المقدّسة ؛ لأنّهم لمّا أنكروا العلم الحصولي وجعلوا علم الواجب منحصرا في الحضوري قالوا : علمه تعالى بنفس ذاته هو الباعث لإيجاد الأشياء منكشفة لديه.
وعند جماعة كالمحقّق الطوسي وجمهور المعتزلة هو العلم بالأصلح ؛ لأنّهم قالوا : إنّه الباعث لإيجاد الأشياء في الوقت الذي وجد فيه.
وعند المتكلّمين هو القصد بمعناه الظاهر.
__________________
(١). س : مستند.
(٢). س : + و.
(٣). س : فاراته.