الوجود الخاصّ المتحقّق ؛ أعني الوجود التامّ والمستغني والمتقدّم والأشدّ ومقابلاتها دون مفهوم التمامية والاستغناء وغيرهما. فما به التشخّص ليس إلّا الوجودات الخاصّة الواقعة في الأعيان.
وبذلك يعلم أنّ كون التشخّص بنحو الوجود إنّما يتأتّى على القول بأصالة الوجود في التحقّق وكونه حقيقة عينية واعتبارية الماهيّة ؛ إذ على العكس ينحصر الوجود في العامّ (١) الاعتباري وهو مشترك في الكلّ وانتزاعه فرع تحقّق الأفراد ؛ فلا يمكن أن يكون متشخّصا ؛ وحصصه أيضا امور انتزاعية عن الأفراد بعد تحقّقها ؛ فلا يمكن أن تكون متشخّصة ؛ وقد تقدّم أنّ الماهيّة أيضا لا تتشخّص بنفسها ولا يضمّ مثلها ولو إلى غير النهاية. فلا يمكن أن يتحقّق التشخّص بدون الخاصّ / B ٦ /. فتحقّقه مع عدم إمكان حصوله من الماهيّة والعامّ شاهد صدق على أصالته وكونه حقيقة عينية.
[في أنّ الوجودات الخاصّة متخالفة بذواتها والوجود العامّ حقيقة مشكّكة]
لمّا عرفت ثبوت الوجودات الخاصّة وكونها حقائق متأصّلة وهويّات عينية متحقّقة في الخارج فاعلم أنّها متخالفة بذواتها من دون اشتراك في ذاتي ؛ وتشخّصها بأنفسها ؛ بمعنى أنّ ذواتها تقتضي التعيّن والامتياز. فذواتها بعينها أنحاء وجوداتها المشخّصة لأنفسها من دون افتقار في تعيّنها إلى شيء آخر ؛ وما ينتزع عنها بعد تحقّقها من الماهيّات والعوارض وإن حصل به نوع امتياز لها إلّا أنّه ليس من المشخّص الحقيقي ، بل من توابعه ؛ لأنّه لازم الخاصّ ونعته. فتخصّصه به ليس تخصّصا بحسب ذاته ، بل باعتبار ما معه من اللازم والوصف وكذا ما يلزمه من
__________________
(١). س : الوجود بالعام.