التنزّل يصير تكرّر الآحاد أقلّ. ثمّ يكون ما لكلّ طبيعة من الانتظام والترتيب والهيئة العجيبة النورية على ما يقتضيه النظم والترتيب والهيئات التي في سابقها التي هي عللها.
وبالجملة : تكون للعقول طبقات كثيرة يبلغ أعداد مثل الطبقة الثالثة والرابعة حدّا يخرج عن الإحصاء ؛ فكيف بالطبقات التي بعدهما؟! وكلّ من الطبقات منتظمة انتظاما عجيبا ويشتمل على هيئات نورية بهيّة ؛ وآخر طبقاتها وأنزلها هي (١) طبقة أرباب أنواع العوالم الثلاثة وأشرف أفراد هذه الطبقة علل الأنواع المثالية وأوساطها علل الفلكية وأخسّها علل العنصرية ؛ وهذه العقول وإن بلغت في الكثرة حدّا يزيد أعدادها على أعداد ما وجد ويوجد من أفراد جميع أنواع النباتات والحيوانات (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي) (٢) ـ الآية ـ (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ) (٣) ـ الآية ـ إلّا أنّها مع ذلك ليست غير متناهية ، لوجوب تناهي سلاسلها الطولية وجهاتها المتصوّرة هذا.
والظاهر : أنّ مراد الإشراقيّين أيضا هو ما ذكرناه إلّا أنّ ما ذكره صاحب الإشراق ـ من كون القواهر الطولية التي خصّصها بعدم علاقتها بالبرازخ بالربوبية والعلّية صادرة عن جهتى آحاد المشاهدات والإشراقات الكاملة ـ يأبى عن ذلك. / B ١٨٥ /
[في ما يقال في تفسير المثل الأفلاطونية]
اعلم أنّ الإشراقيّين ذهبوا إلى ما أثبته أفلاطون ومعلّمه سقراط من المثل المسمّاة بالمثل الأفلاطونية والمثل الإلهية والمثل النورية هي الطبقة النازلة الأخيرة من
__________________
(١). س : + طبقات.
(٢). كهف / ١٠٩.
(٣). لقمان / ٢٧.