من الاتّحاد ، وينتزع العقل منه وجودا عامّا آخر مغايرا له بالاعتبار ؛ وكما أنّ عند تصوّر ماهيّة الإنسان ـ مثلا ـ تحصل في الذهن ماهيّة معرّاة عن هذا الوجود كذلك عند تصوّر هذا الوجود تحصل ماهيّة في الذهن معرّاة عن وجوده الذي هو مغاير له بالاعتبار.
ولعلّ هذا أمر غريب عجيب ينبغي أن يتعجّب منه اللبيب حيث يكون شيء واحد عامّا وخاصّا ، مجهول التصوّر ومعلوم التصوّر ، عارضا للماهيّة ومعروضا لها ، حاصلا في العين وفي الذهن بالاعتبارين.
ثمّ التسلسل / B ٢٢ / اللازم من تصوّر وجود كلّ وجود لا ضير فيه ؛ لأنّه تسلسل ينقطع بانقطاع الاعتبار ، كما تقدّم.
وبما ذكر يظهر للمتأمّل شدّة سريان نور الوجود بقسميه في جميع الأشياء والمعاني بجميع الحيثيات والاعتبارات ، وإحاطته بها ، ونفوذ حكمه فيها حتّى أنّ تجريد الماهيّة عن الوجود متفرّع على وجودها.
[في كيفية اتّصاف الماهيّة بالوجود وعروضه لها بناء على أصالة الماهيّة]
جميع ما ذكر إنّما هو على أصالة الوجود واعتبارية الماهيّة ؛ وأمّا على العكس فتحيّر القائلون به في كيفية اتّصافها به وعروضه لها في الخارج والذهن بناء على أنّ ثبوته أو عروضه لها أو اتّصافها به فرع ثبوتها بناء على قاعدة (١) الفرعية ؛ وليس لها قبل وجودها ثبوت.
وبعبارة اخرى : اتّصافها بالوجود بمعنى الكون المصدري فرع أن يكون لها كون مصدري ؛ فيلزم تقدّم كونها المطلق على كونها المطلق.
__________________
(١). س : القاعدة.