القائلون بحصول الأشياء بأنفسها في الذهن ـ والوجود المتحقّق بنفسه الشامل لصرف الوجود الحقّ والوجودات الخاصّة الممكنة ليس له شبح ؛ إذ شبحه إمّا عين الوجود أو عدم أو ماهيّة.
والأوّل ليس شبحا له ؛ والثاني بيّن الفساد ؛ والثالث لا يطابق الوجود ، مع أنّ المطابقة بين الشبح وذي الشبح لازمة ليكون حصوله علما به ؛ وليست ماهيّة ذات وجود حتّى يتمكّن العقل من تجريدها عن الوجود وأخذ الماهيّة الصّرفة ؛ ولا يتوهّم تمكّنه من تجريد الوجود البحت أو الخاصّ الإمكاني منه ، لإيجابه تعرية الشيء عن نفسه أمّا في الأوّل فظاهر ؛ وأمّا في الثاني فلأنّ الفرض تحقّقه بنفسه ومنشئيته لانتزاع العامّ بعد صدوره عن العلّة بدون افتقاره إلى ماهيّة أو وجود آخر ؛ والضرورة قاضية بأنّ تجريد مثله عن الوجود الخارجي تجريد للشيء عن نفسه.
وبذلك يعلم ابتناء المذهبين في التصوّر على أصالة الماهيّة ؛ إذ على أصالة الوجود تمتنع تعرية الحقائق ـ أي الوجودات الخاصّة ـ عن الوجود حتّى تحصل منه في الذهن أنفسها أو أشباحها ، بل تكون ممتنعة التصوّر غير معلومة بالعلم الحصولي. فالعلم بها إمّا بالمشاهدة الحضورية إن أمكنت أو بآثارها ولوازمها من الوجود العامّ والماهيّات المنتزعة عنها.
وقد ظهر ممّا ذكر استحالة التصوّر في حقيقة الوجود وبداهته في العامّ ونظريته في الماهيّات إلّا أنّها ليست متعرّاة عن الوجودات الخاصّة التي هي الحقائق حتّى تكون نفسها ، بل منتزعة عنها وشئونات لها ؛ فليس بإزائها في الأعيان إلّا منشأ انتزاعها.
[في مراتب الإدراكات]
العلم الحضوري انكشاف وجود الشيء ومشاهدته / B ٣ / جزئيا ؛ والحصولي أخذ