[في أنّه تعالى تمام الأشياء]
واجب الوجود تمام الأشياء ؛ بمعني أنّ جميع كمالات الأشياء حاصل له ولا يمكن أن يوجد كمال شيء من الأشياء أن يكون كمالا للموجود المطلق ولا يتحقّق له.
وفرق هذه المسألة عن المسألة السابقة أنّ مبنى الأولى على أنّه لا يمكن أن يوجد كمال في الموجود المطلق لا يحصل له بذاته في مرتبة ذاته ، بل حصل له بعد الذات بإيجاده أو بإيجاد غيره ؛ ومبنى (١) الثانية على أنّه لا يمكن أن يوجد كمال لبعض الأشياء الموجودة / A ١٦١ / لا يتحقّق له أصلا ؛ ولذا لا يمكن أن يستدلّ على الثانية بما استدلّ أوّلا على الأولى ؛ وهو أنّ ما لم يحصل له في مرتبة ذاته ثمّ حصل لا يكون كمالا له ـ كما تقدّم ـ بل لا بدّ أن يستدلّ عليه بما ذكر أخيرا من لزوم التركيب في ذاته.
وحاصله : أنّه تعالى بسيط الحقيقة وقد تقدّم أنّ كلّ بسيط الحقيقة تمام الأشياء الوجودية ، كما صرّح به المعلّم الأوّل وغيره.
والمراد به أنّ جميع كمالات الأشياء ـ أي وجوداتها ـ حاصلة له وإنّما يخرج عنه أعدامها ونقائصها ؛ فكما أنّ كلّه الوجود فكذلك هو كلّ الوجود.
وبيان ذلك ـ كما أشرنا إليه سابقا ـ أنّه تعالى لو فقد مرتبة من الكمال الذي هو الوجود فلا يخلو إمّا أن يكون قابلا لها أم لا.
فعلى الأوّل : يكون له جهة القبول وفيه أيضا جهة الفعلية لبعض الكمالات ؛ فيجتمع فيه جهتا الفعل والقوّة ؛ فيلزم التركيب في ذاته ؛ وهو باطل.
وعلى الثاني : فعدم قابليته لتلك المرتبة من الوجود :
[١.] إمّا لأجل أنّها ليست كمالا له وإن كانت كمالا لبعض الأشياء ؛ وهذا
__________________
(١). س : معنى.