أوصافه العرضية أكمل وأقوى من الوجودات الخاصّة الممكنة.
قلنا : لا ريب في أنّ حقائق الوجودات الخاصّة مجهولة الكنه ـ كما تقدّم ـ وما يعقل من أقدمية البعض أو أكمليته أو أشدّيته مفهومات إضافية مأخوذة بالقياس إلى أوصاف عرضية كالوجود العامّ أو العلم بمعنى الانكشاف. فإذا قلنا : «إنّ وجود الواجب أقدم أو أقوى من وجود الممكن» فكأنّا قلنا : «إنّه في الموجودية أو انكشاف الأشياء له أقدم أو أقوى من وجود الممكن.» فالتقدّم والقوّة والكمال ومقابلاتها إنّما تقع في الوجودات الخاصّة بالنظر إلى أوصافها العرضية دون حقائقها المجهولة.
وما قيل : «إنّ الأولوية والأقدمية والأشدّية راجعة إلى الكمال ، وهو لا يخرج عن حقيقة الوجود.»
ففيه : انّ المراد بالكمال إمّا مفهومه أو مبدأه ؛ والأوّل وصف للوجود خارج عن حقيقته ؛ والثاني عين الوجود ولكن رجوع المفهومات المذكورة إليه ممنوع. إذ لا معنى لكون مفهوم الأقدمية والأولوية عين حقيقة الوجود.
[في تعيّن الماهيّة وتحقّقها في الخارج ، واختلاف الوجودات واشتراكها]
ما جعلناه موجبا للتعيّن الخارجي بذاته هو الخاصّ الشخصي دون النوعي أو ما فوقه. إذ كلّ ماهيّة جنسية أو نوعية حقيقية أو إضافية ما لم ينضمّ إليه الفصل الأخير ـ أعني الوجود الخاصّ الذي هو المشخّص ـ لا يمكن تحقّقه في الخارج ؛ وغيره من الفصول انضمامه إلى الجنس إنّما يفيده نوع تعيّن وتشخّص في العقل. فالمراد بقولهم : «إنّ فصل الشيء يحصّل وجوده» أنّه يحصّل له نوع وجود عقلى يقرّبه إلى الوجود الخارجى. فإن ضمّ الفصل إلى كلّ جنس يقرّبه إليه حتّى إذا بلغ إلى النوع