وجودها بالمشاهدة الحقّة المتكرّرة المترتّبة على انسلاخهم عن الهياكل الظلمانية وبإيصالهم بها عند خلع الأبدان الناسوتية ؛ (١) وحكى أفلاطون عن نفسه أنّه خلع الظلمات ـ أي التعلّقات البدنية ـ وشاهدها ؛ وأيضا نقل عنه أنّه قال : «إنّي رأيت عند التجرّد أفلاكا نورية.» (٢)
وقد كان حكماء الفرس يسمّون كثيرا من أرباب الأنواع بأسام : فسمّوا ربّ صنم الماء «خرداد (٣)» وربّ الأشجار «مرداد» وربّ النار «ارديبهشت» وبالجملة يسمّون ربّ كلّ نوع باسم (٤) يخضعون له حتّى أنّهم تقدّسون ربّ نوع النبتة المسمّاة بهوم التي كانت يدخل في أوضاع نواميسهم ويسمّونه «هوم ايزد» وقال صاحب الإشراق : «بعض الفهلوة ـ وكأنّه زرادشت الحكيم ـ كان يسمّى المخلوق الأوّل «بهمن» والثاني «ارديبهشت» والثالث «شهريور» والرابع «اسفندارمذ» والخامس «خرداد» والسادس «مرداد» ؛ وقد خلق بعضهم من بعض كما يوجد السراج من السراج من غير أن ينقص من الأوّل شيء ؛ وزعم زرادشت أنّه رآهم واتّصل بهم وأخذ منهم العلوم الحقيقية.» (٥) وكان اصطلاحه تخالف اصطلاح الأكثر ؛ وعلى أيّ تقدير لا شبهة في وفاقهم على وجود أرباب الأنواع النورية.
[في نقد الأدلّة القائمة على ثبوت العقول العرضية]
اعلم أنّ هذه الأدلّة وإن أمكن المناقشة في / A ١٨٣ / بعضها إلّا أنّ مجموعها يفيد المطلوب ـ أي ينتهض بإثبات عقول عرضية ـ لكنّ ما ذكروه من كيفية صدور العقول الطولية والعرضية وعدد طبقاتها وتعيين جهات كلّ من الطولية والعرضية
__________________
(١). مجموعه مصنّفات شيخ اشراق (حكمة الإشراق) ، ج ٢ ، صص ١٥٦ ـ ١٥٥.
(٢). أثولوجيا ، صص ٢٣ ـ ٢٢.
(٣). س : جرداد.
(٤). س : باسمه.
(٥). انظر : شرح حكمة الإشراق : صص ٣٢٢ ـ ٣٢١ ومجموعه مصنّفات شيخ اشراق (حكمة الإشراق) ، ج ٢ ، ص ١٢٨.