لكان ثابتا فيه ؛ فكان متّصفا بالثبوت فيه واتّصافه بالثبوت أيضا كان ثابتا فيه ؛ [فكان] متّصفا بالثبوت هكذا إلى غير النهاية ؛ فيلزم التسلسل المحال ؛ إذ لا فرق في إجراء أدلّة بطلان التسلسل بين الموجودات في الخارج والثابتات فيه ؛ وإذا كان الاتّصاف منتفيا في الخارج بالمعنى المقابل للثابت على ما هو مصطلحهم كان ممتنعا والممتنع غير مقدور بالاتّفاق. فظهر أنّ القول بثبوت المعدومات ينافي القول بثبوت القدرة.
وثانيهما : أنّ الموجودات منحصرة متناهية باتّفاق المتكلّمين لإجرائهم أدلّة امتناع التسلسل مطلقا من غير اشتراط الترتّب والاجتماع في الوجود ؛ وظاهر أنّ المناط في صحّة جريانها هو مطلق الثبوت والتقرير والكون في الخارج من دون اشتراط أمر زائد على ذلك وهو حاصل في الموجودات والثابتات ؛ واعتبارهم كون الوجود أخصّ ومعتبرا فيه ما لا يعتنى في الثبوت لا يوجب التفرقة بينهما في التناهي وعدمه ؛ إذ لا حدّ لهذه الخصوصية في صحّة إجراء أدلّة بطلان التسلسل ؛ فيلزمهم القول بانحصار الثابتات وتناهيها مع أنّ مذهبهم إنّ أشخاص كلّ ماهيّة نوعية غير متناهية في العدم.
ثمّ المعتزلة تمسّكوا في ثبوت المعدومات بوجوه ضعيفة أعرضنا عنه لظهور دفعها هذا وعلى ما مرّت الإشارة إليه من عدم الواسطة بين الوجود والعدم وكون الوجود مرادفا للثبوت والعدم مرادفا للنفي ويبطل القول بالحال كما ذهب إليه جماعة من المعتزلة وطائفة من الأشاعرة ؛ فإنّهم ـ كما أشرنا إليه ـ قالوا : إنّ المعلوم إن لم يكن له ثبوت في الخارج فهو المعدوم وإن كان له ثبوت فيه فإمّا باستقلاله و/ B ٩١ / باعتبار ذاته فهو الموجود وإمّا باعتبار التبعية لغيره فهو الحال وهو واسطة بين الموجود والمعدوم ؛ لأنّه عبارة عن صفة للموجود لا تكون