وأورد على هذا الدليل بأنّه إنّما يدلّ على أنّ الوجود ليس عينا في جميع الموجودات ولا جزءا لجميعها ولا يلزم من ذلك كونه زائدا في الجميع ؛ لاحتمال أن يكون زائدا في بعض وعينا أو جزءا في البعض نظرا / A ٨٦ / إلى أنّه مقول بالتشكيك وليس متواطيا حتّى يكون مقتضاه في الكلّ واحدا.
واجيب بأنّه إذا كان بذاته مقتضيا للأحوال الثلاثة ـ أي الزيادة والعينية والجزئية ـ كان كلّ حصّة من حصصه متّصفا بتلك الأحوال الثلاثة ؛ فيكون وجود الواجب مثلا عارضا لبعض الماهيّات جزءا لبعضها وعينا لبعضها ، لامتناع تخلّف مقتضى الذات ؛ وهو كما ترى.
والأصوب في الجواب أن يقال : إنّ كونه عينا أو ذاتيا لبعض الماهيّات المتخالفة بالذات دون بعضها ينافي وحدته ولو مع التشكيك ؛ إذ عين ماهيّة مخالفة بالذات لما هو ذاتي أو عارض لماهيّة اخرى ؛ فيلزم تكثّره بالذات ؛ هذا.
وأورد بعضهم على هذا الدليل بأنّ مذهب الصوفية أنّه ليس في الواقع إلّا ذات واحدة لا تركّب فيها أصلا ، بل لها صفات هي عينها وهي حقيقة الوجود المنزّه في حدّ ذاتها عن شوائب العدم وسمات الإمكان ؛ ولها تقيّدات بقيود اعتبارية بحسب ذلك يتراءى موجودات متمايزة ؛ فيتوهّم من ذلك تعدّد حقيقي ؛ فما لم يقم برهان على بطلان ذلك لم يتمّ ما ذكر من عدم اتّحاد الماهيّات واشتراك الوجود ؛ إذ لا يثبت حينئذ وجود ممكن أصلا.
وأجاب عنه الشريف المحقّق بأنّ هذا خروج عن طور العقل ؛ فإنّ البديهة شاهدة بتعدّد الموجودات تعدّدا حقيقيا وأنّها ذوات وحقائق متخالفة بالحقيقة دون الاعتبار فقط ؛ والذاهبون إلى تلك المقالة يدّعون استنادها إلى مكاشفاتهم ومشاهداتهم وأنّه لا يمكن الوصول إليها بمباحث العقل ودلالته ، بل هو مفرد هناك