قلنا : التعقّل أعمّ من التصديق ؛ فلا وجه لحمل الكلام على ما ذكرت ، بل المراد أنّا نتصوّر الماهيّة ولا نتصوّر وجودها أو أنّا نصدّق / A ٨٥ / بثبوت الماهيّة وذاتياتها بمعنى أنّها هي هي من غير تصديق بثبوت الوجود العيني أو الذهني لها.
فإن قيل : محصّل الدليل أنّا نعقّل (١) الماهيّة مع الغفلة عن وجودها الخارجي والذهني ؛ وهو لا يدلّ على زيادة المطلق.
قلنا : زيادة كلّ منهما يستلزم زيادته ، بل نقول : زيادة المطلق بمعنى مغايرة مفهومه مع مفهومها في البداهة بحيث (٢) لا يحتاج إلى تنبيه أيضا والمحتاج إلى التنبيه إنّما هو زيادة قسميه لا من حيث مفهومهما أيضا ، بل بحسب حصصهما (٣) وما يظنّ كونه أفرادا لهما بحسب ماهيّة ماهيّة.
[الثاني :] أنّ الوجود لو لم يكن زائدا على الماهيّات لكان إمّا عينها أو جزءا لها ؛ وكلاهما محال.
أمّا الأوّل : فلأنّ الوجود معنى واحد في جميع الوجودات ؛ فلو كان عين الماهيّات لاتّحدت الماهيّات في جميع الموجودات ولم تتحقّق مغايرة ذاتية بين ماهيّة وماهيّة ؛ وهو باطل بالضرورة.
وأمّا الثاني : فلأنّه لو كان جزءا لهما فلكونه جزءا مشتركا يكون لها جزء آخر يحصل به الاختلاف ؛ ولا بدّ أن يكون ذلك الجزء موجودا ، لامتناع تقوّم الموجود بالمعدوم ؛ فيلزم كون الوجود جزءا لهذا الجزء أيضا ؛ إذ المفروض أنّ الوجود جزء لجميع الموجودات ؛ فهذا الجزء أيضا يحتاج إلى ما به الاختلاف وهو أيضا يجب أن يكون موجودا لما ذكر وهكذا ينتقل الكلام إلى أجزاء الأجزاء ؛ فيلزم أن لا تنحصر أجزاء الماهيّة ، بل تكون غير متناهية ؛ وهو محال :
[١.] أمّا على فرض كون الوجود جزءا خارجيا للماهيّة ـ مع كون هذا الفرض
__________________
(١). س : يعقل.
(٢). س : بحث.
(٣). س : خصصهما.