الماهيّة منتزعة عنه باعتبار ما لحقه / B ٨٤ / من الجهة العدمية القصورية ، كما أنّ الوجود المطلق منتزع عنه باعتبار جهة الوجودية الكمالية.
ثمّ هذا (١) الحكم ـ أعني زيادة الوجود على الماهيّة ـ ممّا اتّفق عليه جمهور الحكماء ومحقّقوا (٢) المتكلّمين وإنّما خالفهم أبو الحسن وأبو الحسين وأتباعهما القائلون بأنّ وجود كلّ ماهيّة عبارة عن نفس حقيقتها ؛ والحقّ أنّ هذا الحكم بديهي وضرورة العقل قاضية به ومع ذلك تدلّ عليه وجوه من الأدلّة :
[الأوّل :] أنّ تعقّل (٣) الوجود قد ينفكّ عن تعقّل الماهيّة ؛ أي تعقّل الماهيّة ولا يعقّل وجودها الخارجي ـ أي ظهورها العيني ـ وهو ظاهر ولا وجودها الذهني ؛ لأنّ تعقّل (٤) الشيء لا يستلزم تعقّل ذلك التعقّل.
والحاصل : أنّ تعقّل (٥) الماهيّة وإن كان عبارة عن وجودها في الذهن لكنّ تعقّلها غير تعقّل وجودها في الذهن ؛ فإنّ تعقّل وجودها في الذهن غير وجودها فيه بالاعتبار ؛ لأنّ التعقّل غير المتعقّل بالاعتبار وإن كان عينه بالذات في بعض الصور ؛ وإذا انفكّ الوجود عن الماهيّة في التعقّل ثبت أنّه لا يكون نفسها ولا داخلا فيها وإلّا لامتنع انفكاك تعقّله عن تعقّلها.
وبمثل هذا الدليل يثبت زيادة المطلق والماهيّة على الخاصّ ؛ لأنّ تعقّلهما دون الخاصّ لكونه مجهول الكنه ؛ ويؤكّد المطلوب أنّا نعقّل الماهيّة ونشكّ في وجودها الخارجي والذهني ؛ ولو لم يكن الوجود زائدا عليها وكان ذاتيا لها لما انفكّ في التعقّل عنها ؛ إذ تعقّل الشيء يستلزم تعقّل ذاتياته.
فإن قيل : حاصل هذا الدليل أنّا نتصوّر الماهيّة ولا نصدّق بوجودها ؛ فالماهيّة معلومة ـ أي تصوّرا ـ والوجود ليس بمعلوم ـ أي (٦) تصديقا ـ فلا يتّحد الوسط.
__________________
(١). س : هذ.
(٢). س : محقق.
(٣). س : يعقل.
(٤). س : يعقل.
(٥). س : يعقل.
(٦). س : او.