ومنشأ انتزاع المعنى الأوّل عين في الواجب وزائد في الممكن ؛ لأنّ فيه جهة تعلّقه بموجده ؛ فإن لوحظ جهة وحدة هذا (١) المناط ولوحظت (٢) الوجودات بحسب أصلها (٣) ومفيضها فإمّا لا يكون مشتركا أصلا أو يكون مشتركا معنويا من دون لزوم محذور ؛ وإن لوحظ جهة كثرته ـ أي من حيث كون وجودات الممكنات مقيّدات بقيود الأكوان ومفروضات لماهيّات الإمكان ـ فالاشتراك لفظي ؛ لأنّ تلك الوجودات بالمعنى المذكور حقائق مختلفة متباينة ليس بينها قدر مشترك أصلا ؛ فإنّ بعضها صرف الوجود غير معروض للماهيّة وتوابعها أصلا وساير الأفراد معروضات لماهيّات متخالفة بالذات.
نعم للعقل أن يخترع منها مفهوما من المفهومات كمفهوم مناط الموجودية ونحوه مشتركا بينها إلّا أنّه يكون عرضا بالنسبة إلى تلك الموجودات مشتركا بينها لفظا ؛ إذ ليس بينها في الواقع قدر مشترك حتّى يكون الاشتراك معنويا.
فإن قلت : اشتراك هذا المفهوم لفظا يوجب محذور اشتراك الوجود العامّ الانتزاعي لفظا أيضا ؛ إذ حينئذ لا يصدق بأنّه موجود بالمعنى الذي صدق على الممكن ؛ فيلزم أن يصدق نقيضه وهو الله معدوم ؛ وهو كفر وزندقة.
قلنا : فرق بين الصورتين وإنّما المحذور يختصّ بإحداهما ؛ لأنّ صفة الموجود إذا كانت مأخوذة من معنى الوجود الانتزاعي يكون الاشتقاق حقيقيا ويكون معناه أنّ ذلك الشيء موصوف بالوجود ومنشأ لانتزاعه وأنّه ممّا تترتّب عليه الآثار الخارجية ؛ فإذا لم يصدق / A ٨٣ / هذا على الواجب مثلا لم يصدق عليه أنّه ممّا تترتّب عليه الآثار ؛ فيكون معدوما قطعا ؛ فيصدق عليه المعدوم ؛ وأمّا إذا كانت مأخوذة من معنى مناط الموجودية يكون الاشتقاق جعليا ويكون معناه أنّه منسوب إلى الوجود ويكون معنى هذه النسبة في الممكن أنّه متعلّق جعل الجاعل
__________________
(١). س : هذ.
(٢). س : لوحظ.
(٣). س : اصله.