يكون بمنزلة الفصل للمحتاج والممكن والمعلول وأمثالها ؛ إذ الاحتياج مترتّب على الجهة العدمية المستلزمة للتركيب بخلاف الغنى ؛ فإنّه لا يوجب تركيبا ؛ لأنّه من لوازم صرافة الوجود ؛ فهو عين الذات الواجبة.
وأمّا عدم الانتقاض بالزوجية والفردية لأنّهما أيضا تابعان لقدر مشترك ذاتي هو الخصوصية الشاملة لأعداد الأزواج أو الأفراد ؛ فإنّ مطلق الكمّ كما ينقسم أوّلا بفصلين هما الاتّصال والانفصال ؛ والكمّ المتّصل ينقسم إلى أجناس أو أنواع بفصول معيّنة فكذلك الكمّ المنفصل أيضا ينقسم أوّلا بفصلين هما الخصوصية الشاملة لأعداد الأزواج والخصوصية الشاملة لأعداد الأفراد وإن لم يكن لتلك الخصوصية اسم معيّن وتلك الخصوصية ذاتي بمنزلة الفصل لتلك المراتب من الأعداد ـ أي الأزواج أو الأفراد ـ وتنتزع عنها الزوجية أو الفردية ؛ وقس على ذلك انتزاع الحرارة المطلقة عن النار والشمس والحركة ؛ فإنّ لها خصوصية شاملة لها مناسبة للحرارة المطلقة تنتزع عنها تلك الحرارة وإن لم يعلم اسم تلك الخصوصية ؛ فإنّ بديهة العقل قاضية بأنّ انتزاع / B ٨١ / الحرارة عنها دون ساير الأشياء إنّما هو لأجل مناسبتها لها دونها وإلّا لم يكن معنى لترتيبها عليها دونها ؛ فإذا كانت تلك الحرارة المترتّبة على الثلاثة معنى واحدا غير مختلف الحقيقة وجب أن يكون جهة المناسبة أمرا واحدا ذاتيا للكلّ ؛ وهو ظاهر.
فإن قيل : هنا برهان يدلّ على بطلان تلك المقدّمة ؛ وهو أنّ القوم ذكروا أنّ الجنس ذاتي للأنواع وعرضي بالنسبة إلى فصولها ؛ إذ لو لم يكن عرضيا بالنسبة إليها مع اندراجها تحته وصدقه عليها لكان جنسا لها أيضا ؛ فيلزم دخول الجنس في النوع مرّتين تارة باعتبار جزئيته للنوع واخرى باعتبار جزئيته للفصل ؛ وهو باطل بالضرورة.