عكسها أوّلا في مرآة وتقع عكس هذا العكس في مرآة ثانية وعكس عكس العكس في ثالثة وهكذا ينتزع عن جميعها معنى واحد هو الضوء مع التعدّد والاختلاف في منشأ الانتزاع.
ثمّ الحقّ : أنّ تلك المقدّمة ـ أعني استلزام القدر المشترك العرضي للقدر المشترك الذاتي ـ قطعية لا يقبل المنع لما مرّ ؛ فلا بدّ من تسليمها.
والجواب بما ذكرناه والقدح فيها تارة بالفرق بين الوحدة الشخصية والوحدة الكلّية العامّة واخرى بالفرق بين العلّية بمعنى الإيجاد والتأثير وبين العلّية مطلقا أعمّ / B ٨٠ / من التأثير ؛ وكون الشيء موقوفا عليه لشيء آخر في الجملة في أحد الوجودين باطل ، لاشتراك الدليل.
فإن قيل : هذه المقدّمة ينتقض بمثل الإمكان والمعلولية المشتركين (١) بين الجوهر والعرض والمجرّد والمادّي ومثل الزوجية والفردية المشتركين بين أزواج العدد وأفرادها مع اختلاف مراتب الأعداد بالماهيّة ومثل الحرارة المشتركة بين النار والشمس والحركة. فإنّ جميعها مشتركات عرضية بين الأشياء المتخالفة المذكورة مع فقد المشترك الذاتى لها.
قلنا : التأمّل يعطي عدم الانتقاض بشيء من المذكورات ؛ أمّا بالإمكان والمعلولية ونحوهما ؛ فلأنّها تابعة لمشترك ذاتي هو الماهيّة المطلقة الذاتية لكلّ ممكن ومعلول.
فإن قيل : الذاتي إمّا جنس أو نوع أو فصل ؛ وظاهر أنّ الماهيّة المطلقة ليست فصلا وكذا لا يمكن أن يكون نوعا للجوهر والعرض والمجرّد والمادّي ؛ لأنّ اختلاف أفراد النوع الحقيقي بالتشخّص لا بالحقيقة ، والاختلاف بين المذكورات إنّما هو بالحقيقة ؛ وكذا لا يمكن أن يكون جنسا لها ؛ إذ الجنس لا بدّ أن يتحصّل
__________________
(١). س : مشتركين.