هذا العرض عارضا له منتزعا منه ، كما أنّ مفهوم الماشي إنّما يعرض لأفراده المتخالفة لأجل الحيوان الذي هو القدر المشترك الذاتي بينها ومفهوم الكاتب والضاحك إنّما يعرض لأفرادهما لأجل (١) مفهوم الإنسان الذي هو مشترك ذاتي / A ٨٠ / بينها ؛ وعلى هذا لو كان الوجود العامّ العرضي مشتركا بين وجود الواجب والوجودات الإمكانية لزم اشتراكهما في معنى ذاتي ؛ فيلزم تركّب الواجب ؛ وهو باطل.
والجواب : أنّ جميع تلك الوجودات الخاصّة باختلافها مشتركة في كونها متعلّقة مرتبطة لذاتها بالواجب تابعة لازمة بنفسها له ، وتعلّقها به ولزومها له ذاتي لها ؛ إذ الافتقار عين حقائقها ؛ ولا ريب في أنّ مناط انتزاع الوجود المطلق ومنشأه (٢) هو هذا التعلّق واللزوم الذاتي ؛ إذ كلّ مرتبط بصرف الوجود بذاته تنتزع عنه الموجودية ولو لا ارتباطه وتعلّقه به لكان معدوما صرفا. فمنشأ انتزاع الموجودية المطلقة ليس إلّا الوجود الواجبي أو الوجودات الخاصّة اللازمة له المرتبطة به بذاتها التي هي أظلاله وتوابعه وعكوسه ولوازمه وارتباطاته ومراتبه ؛ ولاشتراك جميعها في التعلّق والارتباط الذاتي بصرف الوجود وكونها مناسبة له مترشّحة عنه واتّحادها من حيث الأصل والسنخ (٣) ينتزع عنها معنى واحد هو الوجود المطلق ؛ ومن حيث اختلافها وتغايرها بالجهات العدمية الراجعة (٤) إلى أنحاء قصوراتها تنتزع عنها الماهيّات المختلفة ؛ ولتفاوتها في القرب والبعد من الحقّ الأوّل وفي أنحاء الكمالات الوجودية يكون الوجود المنتزع عنها مقولا بالتشكيك ؛ ومثال ذلك من وجه أنّ الشمس إذا وقعت في المرايا المتعدّدة أوّلا بلا ترتيب وتوسّط أو بالترتيب وتوسّط بعضها لبعض بأن يقع
__________________
(١). س : الاجل.
(٢). س : منشأ.
(٣). س : النسخ.
(٤). س : الراجعية.