لصدور عقل رابع وهكذا إلى أن تنتهي النوبة (١) إلى الأفلاك ؛ وهذا هو الطريق / A ٧٧ / المذكور في الكلام الأوّل المنقول عن المحقّق الطوسي.
ويمكن أن يقال : غرض هذا القائل تصحيح [صدور] الكثرة عن الواحد بناء على ما تقرّر وثبت عنده من تركّب الماهيّة من الجنس والفصل وكونها مجعولة بالذات ، وهو كما ترى.
فالتحقيق : أنّ الجهات المصحّحة لصدور الكثرة هي التى ذكرها جمهور الحكماء والأمر في ما وقع في كلامهم من الاختلاف في عددها أو في تعيين ما يستند إلى كلّ جهة هيّن ، لما عرفت.
والأصوب في كيفية تصحيح صدور الكثرة أن يقال : إنّ العقل الأوّل باعتبار نسبته إلى الحقّ الأوّل وجهته الراجعة إليه من الوجود ووجوب الوجود وتعقّله (٢) لهما وللحقّ الأوّل يقتضي أمرا أشرف وهو العقل الثاني ؛ وباعتبار ماهيّته وتعقّله لها يصدر عنه نفس الفلك الأقصى المحرّكة بالشوق إليه ؛ وباعتبار إمكانه في نفسه وتعقّله له يصدر عنه جرم هذا لفلك. ثمّ من العقل الثاني بالجهات المذكورة يصدر عنه أيضا عقل وفلك الثوابت ونفسه من الثالث أيضا بالجهات المذكورة عقل ونفس وفلك زحل وهكذا إلى أن تتمّ الأفلاك التسعة والعقول العشرة ؛ والعقل العاشر يصدر عنه باعتبار إمكانه وتعقّله (٣) له الهيولى أو الجسمية المشتركة التي للعناصر وباعتبار ماهيّته وتعقّله لها صورها النوعية وباعتبار وجوده ووجوب وجوده وتعقّله لهما نفوسها الناطقة ؛ وهذه الامور الثلاثة إنّما تصدر من حيث حقيقتها ونوعيتها.
فالجملة من الجهات المذكورة التي هي الحيثيات الفاعلية ؛ وأمّا تعدّدها من حيث الأشخاص وتعقّلها فإنّما هو باعتبار جهات قابلية تحصل بكثرة الموجبات
__________________
(١). س : النوية.
(٢). س : يعقله.
(٣). س : يعقله.