بالماهيّة تكون الماهيّة وأجزاؤها من الاعتباريات. فالمتحقّق في الخارج لا يكون إلّا أمر واحد هو الوجود الخاصّ وتكون له حيثية عدمية واقعية تنتزع عنها الماهيّات وحينئذ لا يلزم التركيب الحقيقي في الصادر الأوّل إلّا أنّ ذلك لا يلائم معتقد هذا القائل وما ذكره من كون الجنس والفصل مأخوذين من المادّة والصورة الخارجيّين ومنشأين للآثار الخارجية.
وبالجملة : إذا كان مراده أنّ الجنس والفصل مأخوذان منهما ولزم من ذلك التركيب والتكثّر في الصادر الأوّل يبطل ما استند إليه القوم من أنّ الواحد لا يصدر عنه إلّا الواحد ؛ وأيضا يكون الصادر الأوّل مادّيا لا مجرّدا ؛ هذا خلف.
[٢.] وإمّا أن يقول بأنّ الجنس والفصل من الأجزاء التحليلية المحضة ولا يلزم أن تكون منتزعة من الأجزاء الخارجية ؛ فحينئذ يكون الفصل أيضا من الامور الاعتبارية ويكون مثل الاعتبارات التي ذكرها الحكماء ولا يصلح أن يكون مصدرا للآثار الخارجية بزعم هذا القائل مع أنّ بناء الوجه الذي ذكره لتصحيح الكثرة على أنّ فصل العقل الأوّل لكونه مصدرا للآثار الخارجية وواحدا يصدر باعتباره عقل ثان وهو أيضا مركّب من الجنس والفصل ؛ ففصله واحد بسيط يصدر عنه عقل ثالث ؛ وإذا اعتبر هذا العقل مع فصل العقل الأوّل صدر عنه عقل رابع وهكذا إلى أن يحصل عدد يصحّ أن يكون منشأ لصدور الأفلاك والكواكب بأسرها.
ولا ريب في أنّ تصحيح الكثرة على هذا الوجه لا يتوقّف على تركّب العقل من الجنس والفصل. فاعتبار تركّبه لا طائل تحته ؛ إذ يكفي أن يقال : الصادر من الحقّ الأوّل أمر واحد بسيط هو العقل الأوّل وهو واسطة لصدور العقل الثاني والعقل الثاني أيضا بانفراده واسطة لصدور عقل ثالث وباعتباره مع العقل الأوّل واسطة