للاستعدادات المختلفة. فإنّ تكثّر حيثيات الفاعل يوجب التخالف النوعي في الأثر ؛ لأنّ آثار الحقائق المختلفة مختلفة ؛ وأمّا التعدّد الشخصي لنوع واحد فلا يحصل إلّا باختلاف القابل أو استعداده ؛ لأنّ الفاعل متساوي النسبة إلى جزئيات النوع الواحد ؛ والماهيّة / B ٧٧ / متّفقة في الجميع ولازم النوع كذلك ؛ فما به الاختلاف لا بدّ أن يكون من العوارض اللاحقة للنوع التي يمكن حدوثها وزوالها ؛ وكلّ ما هو كذلك فعروضه يفتقر إلى المادّة.
وبالجملة : الفاعل من جهة واحدة يجوز أن يفعل أعدادا كثيرة من نوع واحد ، بل أنواعا مختلفة أيضا لاختلاف القوابل عند المشّائين ؛ واعتبر ذلك بشعاع الشمس الواقع على الزجاجات المختلفة اللون.
وأمّا الرواقيّون فعندهم صدور الأنواع المتكثّرة المتكافئة كأنواع الأجسام العنصرية يحتاج إلى اختلاف نوعي إمّا في الفاعل أو في جهات تأثيره ؛ ولمّا لم يكن في العقل العاشر من الجهات والحيثيات ما نفى تكثّرها بتكثّر الأنواع التي في عالمنا فذهبوا إلى أنّ عدد العقول أكثر من عدد الأفلاك والعناصر ، بل عندهم لكلّ نوع من الأنواع الجسمانية عقل هو ربّ نوعه ومدبّر طلسمه ورادّ (١) عنايته بأشخاصه ؛ فيكون عدد الجواهر النورية والقواهر العقلية كعدد الأنواع الجسمانية من الفلكية والعنصرية البسيطة والمركّبة ، بل يزيد على ذلك أيضا ؛ لأنّ العقول ليست عندهم منحصرة في فواعل الأجسام وليست الأجسام تبتدئ في الوجود حيث تبتدئ العقول في الوجود ؛ إذ العقل الثاني ليس فيه من الجهات ما يكفي لصدور الفلك الثامن وما فيه من الكواكب المختلفة الحقائق ؛ وأيضا الأجسام ـ كما سبق ـ متكافئة الوجود ، ليس بعضها علّة بعض. فينبغي أن يكون عللها أيضا عقولا متكافئة واقعة في سلسلة عرضية بعد تحقّق السلسلة الطولية. فالعقول
__________________
(١). س : رد.