وفيه : أنّ مراد القوم من الجهات والاعتبارات التي اعتبروها في العقل لتصحيح صدور الكثرة هي الاعتبارات التي تصلح أن تكون شروطا وآلات تختلف بها اعتبارات علّية العلّة الأولى لصدور الكثرة لا الجهات التي تصلح لأن تكون عللا مستقلّة أو وسائط مؤثّرة حتّى تكون امورا عينية موجودة كالنور والحرارة في النار للتنوير والتسخين ؛ ولا ريب في أنّ تلك الاعتبارات التي ذكرها الحكماء ممّا يصلح لأن تختلف به اعتبارات علّية الأولى لصدور الكثرة ؛ إذ الامور الاعتبارية والعدمية الواقعية تصلح لذلك.
ثمّ الطريق الذي ذكره ليس بشيء ؛ لأنّ المعلول الأوّل إذا كان مركّبا من الجنس والفصل على ما ذكره ولا ريب في أنّ هذا التركيب وإن كان تركيبا (١) تحليليا عقليا لكنّه تركيب حقيقي واقعي :
[١.] فهو إمّا أن يقول بأنّ الجنس والفصل أجزاء عقلية منتزعة من الأجزاء الخارجية ـ أعني المادّة والصورة ـ كما هو المشهور بين القوم من أنّ الجنس منتزع من المادّة والفصل من الصورة وأنّ الجنس بأيّ اعتبار يكون مادّة والفصل بأىّ اعتبار يكون صورة وأنّ ما لا مادّة له ولا صورة لا يكون له جنس وفصل ؛ فعلى هذا يلزم أن يكون الصادر كثيرا بالذات مركّبا من الجنس والفصل ، بل من المادّة والصورة مع أنّ هذا المتأخّر اعتقاده أنّ الجعل يتعلّق أوّلا [و] بالذات بالماهيّة والوجود أمر اعتباري عرضي تابع للماهيّة و (٢) مجعول بالعرض لا بالذات ؛ فتعلّق (٣) الجعل بجزئي الماهيّة أيضا بالذات ويكونان أمرين / B ٧٦ / متحقّقين ويتكثّر الصادر الأوّل قطعا ولا مجال للقول بتعلّق (٤) الجعل بأحدهما بالذات وبالآخر بالعرض. نعم على القول بتعلّق (٥) الجعل أوّلا وبالذات بالوجود [و] ثانيا وبالعرض
__________________
(١). س : تركبا.
(٢). س : + و.
(٣). س : فيعلق.
(٤). س : يتعلق.
(٥). س : يتعلق.