نعم إن كان بمعنى
أنّ تلك الصور والأضواء ليس لها تحقّق وتقرّر في ذاتها ، بل تحقّقها بتبعية الشخص وإشراق الشمس ؛ وكذا
تلك المظاهر ليس لها صور وضوء في نفسها ، بل ما يحصل فيها من الصور والأضواء إنّما
هو من قبل أصلها وذي ظلّها بحسب نسبها المختلفة واستعداداتها المتفاوتة ؛ وكذلك
الممكنات الموجودة لكونها قائمة بموجدها وأظلّة لوجوده وموجودة بإضافتها إلى
مبدعها ومرشّحة عن فيضه وجوده ومتقرّرة بالانتساب إلى جاعلها ومتحقّقة بالارتباط
بفاعلها ؛ فليس لها في حدّ ذاتها ثبوت وتقرّر وحصول وتحقّق وإنّما ثبوتها من تلقاء مبدئها وبارئها.
فإن لاحظت بنظر
البيان والبرهان ترى وجوده تعالى ظهر بالمظاهر ؛ فإن أبصرت بعين الحقيقة والعيان
ترى الأشياء ظهرت بوجوده تعالى ؛ فهو الذي ذهب إليه كبراء الصوفية وعظمائهم على ما
فهمته وينطبق عليه قول الحكماء أيضا ؛ والقواعد العقلية لا ينافيه ، بل يساعده بعد
جعل المجعول بالذات والممكن المرتبط بالعلّة هي الوجودات دون الماهيّات على ما
يشير إليه في التحقيق الذي يذكره.
ثمّ هنا وجوه اخر
ذكرها جماعة في تصحيح وحدة الوجود أوردناها في رسالتنا المسمّاة ب «قرّة العيون» وبيّنّا فسادها ، فلا حاجة إلى ذكرها هنا.
[في اتّفاق آراء أكابر الصوفية وأساطين الحكمة في توحيد الحقّ]
كأنّك بعد ما عرفت
من فساد الوجوه المذكورة لا تشكّ في أنّ أكابر الصوفية وعظمائهم وأعلام العارفين
وقدمائهم لا يدينون الله بأمثالها ؛ لأنّها أولوا
__________________