والحاصل أنّ هذا الخبر وإن كان ليس بمقام التأسيس ، بل بمقام تقرير ما هو عند العقلاء ، ولكن يظهر منه أنّ ما هو المرسوم عندهم هو معاملة العلم مع اليد ، وقوله عليهالسلام : لو لم يجز إلخ حكمة لإمضاء الشرع هذه الطريقة.
وبالجملة ، فعلى هذا لا يبقي إشكال في تقديم اليد على الاستصحاب ، مع أنّه لو سلّم كونه أصلا تعبديّا عند العقلاء كان لنا تقديمه على الاستصحاب أيضا من قوله عليهالسلام : لو لم يجز هذا الخ ، إذ ما من مورد من موارد اليد إلّا ونحن نعلم بسبق ملكيّة الغير ، فلو كان الاستصحاب مقدّما لما كان للمسلمين سوق ، وهذا ممّا لا إشكال فيه.
إنّما الإشكال في ما اسند إلى المشهور من حكمهم بأنّ ذا اليد لو أقرّ بانتقال الملك إليه من المدّعي انتزع العين من يده وصار مدّعيا والمدّعي منكرا ، فإنّه مبنيّ على تقديم الاستصحاب على اليد ، وإلّا لم يكن وجه لما حكموا به ، فإنّ شأن الأمارة إثبات اللوازم والملازمات والملزوم ، فإذا انحصر السبب حسب إقراره في الانتقال من الخصم إليه فاللازم حجيّة هذه بالنسبة إلى هذا المطلب الملازم لملكيّته.
والجواب بأنّ بقاء أماريّة يده لا ينافي مع انقلاب كونه منكرا إلى كونه مدّعيا ـ فإنّ معيار تشخيص العنوانين هو العرف ، ولا يخفى أنّ العرف حاكمون بعد الإقرار المذكور بالقلب ولو كان معه أمارة ـ مدفوع بأنّه ما وجه حكمهم بالانتزاع قبل إقامة البيّنة منه أو صدور الحلف من خصمه.
والذي أفاده شيخنا الاستاد لتصحيح كلام المشهور أن يدّعى أنّ بناء العقلاء على حجيّة اليد واعتباره مقيّد بعدم إقرار صاحبه في مقام المنازعة بالملكيّة السابقة لخصمه ، أو لمورّث خصمه ، أو لمن هو قائم مقامه ، وإلّا سقط يده عن الحجيّة بمحض الاعتراف اللساني المذكور الراجع إلى الاعتراف بأنّه لو لا النقل من ناحيته ، فيده يد غاصبة عادية.