فإنّه يمكن الجهل به على وجه الغفلة ، وأمّا على وجه الالتفات والتردّد فغير ممكن ، فإنّه لكثرة وضوحه بين المسلمين لا ينفكّ الالتفات إليه غالبا عن العلم به ، نعم قد يجامع مع العلم بالخلاف ، ولكنّه فرد نادر.
وهذا بخلاف الجهل الموضوعي ، فالغالب فيه كون الجهل فيه على وجه التردّد بمعنى أنّ من كان ملتفتا وعالما بأصل حكم حرمة تزويج ذات العدّة فهو عند إرادة تزويج امرأة مخصوصة قلّما يتّفق أن يغفل عن حيث كونها في العدّة وعدمه ، بل غالبا يكون ملتفتا ، فجهله يكون بنحو التردّد ، وإذن فالحكم في كلّ من الموضعين منزّل على الفرد الغالب ، فلهذا علّل أهونيّة الجهل في الحكم من الجهل في الموضوع وأقوائيّة العذر في الأوّل من الثاني بعدم إمكان الاحتياط في الأوّل وإمكانه في الثاني.
ولكن يرد على هذا أنّ من كان ملتفتا وعالما بحرمة تزويج ذات العدّة فيريد تزويج امرأة يكون هو متردّدا في كونها في العدّة وعدمه ، فلا ينفكّ غالبا عن التفتيش عن حال الزوجة لإمكان رفع هذا التردد بسهولة ، فإنّه وإن كان التزويج مع هذا الترديد مباحا تكليفيّا ، ولكنّ الأثر العمدة في التزويج وهو حصول العلاقة وعدم حصول البينونة الأبديّة محلّ للاهتمام والتفتيش عن جهاته وأسبابه ، وبعبارة اخرى : كما أنّ التكليف محلّ الاهتمام ، كذلك الوضع ، ولا يمكن الاكتفاء فيه بالشكّ وإن كان يمكن في التكليف ، ففرض عدم الاعتناء أو عدم العثور بما يرفع الشكّ ولو ظاهرا فرض نادر.
إلّا أن يقال : إنّ مرجع ما ذكر إلى أنّ الغالب رفع الجهل بالعدّة بالتفتيش ، فلم يحمل لفظ الجهل على فرده النادر ، بل هو نفسه نادر.
وبعبارة اخرى : فرق بين التنصيص بالفرد النادر وبين التخصيص أو التقييد به ، والمستبشع هو الثاني ، وما نحن فيه من الأوّل.
فإن قلت : يمكن أن يعتمد على قول الزوجة بانقضاء عدتها ، فإنّهن مصدّقات بالنسبة إلى مثل ذلك ، ثمّ تبيّن كون إخبارها كذبا ووقوع التزويج في العدّة.