قلت : إن كان هذا الكذب عن تعمّد من الزوجة فالتزويج وإن لم يكن محرّما على الزوج ، ولكن يكون حراما على المرأة ، وقوله عليهالسلام في الرواية : «فليزوّجها بعد انقضاء عدّتها» يظهر منه رفع المانع من كلا الجانبين لا من طرف الرجل فقط ، وإن كان كذبها في الإخبار عن اشتباه منها ، فالحكم بجواز التزويج وإن كان صحيحا لكن كان ينبغي حينئذ عدم سوقه بوجه الإطلاق ، بل تخصيصه بصورة الاشتباه ، والمفروض خلاف ذلك وصدوره مطلقا ، وتقييد إطلاقه بصورة الاشتباه أيضا تقييد بارد ، هذا.
مضافا إلى ما مرّ من أنّ المعذوريّة حينئذ ليست للجهل ، بل لأجل الحجّة الشرعيّة ، ومفروض الرواية كون العذر مستندا إلى الجهل.
ويمكن توجيه الرواية على وجه آخر يسلم من الإشكالين وهو أن يكون المراد بالجهالة في الموضعين هو الغفلة كما هو الظاهر من هذه اللفظة ، بخلاف لفظ الجهل ، فقولك : فعل فلان كذا بجهالة ، يعنى لا عن شعور والتفات ، ثمّ يقال : إنّ نظر السائل إلى الجهل بجهتين من الحكم ، لا إلى الجهل بالحكم والموضوع ، يعنى أحدهما سؤال عن الغفلة عن التكليف سواء نشأت عن غفلة الموضوع أم الحكم ، والآخر عن الغفلة من الوضع الناشئة من غفلة الموضوع ، لا أنّ كليهما سؤال عن جهل التكليف باعتبار قسميه من الحكمي والموضوعي ، فإنّ لتزويج ذات العدّة أثرين ، أحدهما التحريم التكليفي المستتبع للعقاب وهو لنفس عمل التزويج ، والآخر أثر وضعي موضوعه المرأة وهو حرمتها الأبديّة على المزوّج وخروجها عن قابليّة الدخول في حبالة نكاحه.
فغرض السائل أنّ الشخص الغافل كان غافلا بأنّ عمله وهو التزويج محرّم عليه تكليفا إمّا من باب الغفلة الحكميّة أو الموضوعيّة ، وغافلا بأنّ المرأة في العدّة ـ يعنى بنحو الغفلة الموضوعيّة ـ باعتبار أثره الوضعي وهو الحرمة الأبديّة الوضعيّة ، فهو بأي من هاتين الجهالتين أعذر.
وتوضيح جواب الإمام أنّ الجهالة بالحكم التكليفي أهون ، وعذرها أقوى ،