بل يمكن أن يقال مع عدم سبق العلم بالعدّة أيضا ـ حيث إنّ العدّة ليست إلّا أمرا حادثا ـ إنّ المرجع استصحاب عدمها الأزلي ، فيكون وجه المعذوريّة حينئذ هو الاستصحاب ، كما أنّها في صورة قول المرأة بناء على حجيّة قولها أو أمارة شرعيّة اخرى مستندة إلى قيام تلك الأمارة ، والرواية بإطلاقها لجميع هذه الصور حكمت باستناد المعذوريّة إلى الجهالة ، إلّا أن يقال : إنّ الفروض المذكورة خارجة عن عنوان الجهالة ، لأنّه عالم بالعدّة في بعضها بالأصل وفي بعضها بالأمارة ، فتحمل الرواية على صورة الغفلة عن الاستصحاب ، فإنّ وجود الحكم الاستصحابيّ بواقعه لا يصير عذرا.
والإشكال الثاني : أنّ الجهل إن كان المراد به في الموضعين هو الغفلة فكلا الجهلين مشتركان في عدم إمكان الاحتياط وإن كان المراد به في كليهما هو الشكّ والتردّد فهما مشتركان في إمكان الاحتياط ، وإن كان المراد به في كليهما هو الأعمّ من الغفلة والتردّد فكلاهما أيضا مشتركان في عدم الإمكان مع الغفلة والإمكان مع التردّد ، وأمّا كون المراد في خصوص الجهل بالحكم هو الغفلة وفي الجهل بالموضوع هو التردّد فهو خلاف الظاهر ؛ لأنّ الظاهر اتّحاد المراد بلفظ الجهالة في الموضعين.
وقد يقال (١) في دفع هذا الإشكال بأنّ اللفظ مستعمل في المقامين في معنى واحد وهو الجامع بين الغفلة والتردّد أعني عدم العلم ، ولكن مصداق هذا المعنى الواحد في الجهل الحكمي منحصر في الغالب في الغفلة ، لما مرّ من أنّ الحكم واضح بين المسلمين ، والجهل بمثل هذا لا يحصل إلّا على نحو الغفلة ، وإلّا فمع الالتفات لا يحصل الجهل ، بل يصير معلوما ، مثل وجوب الصلاة في هذه الشريعة ،
__________________
(١) نقل الاستاد دام بقاه عن حجّة الإسلام صدر الاصفهانى طاب ثراه أنّ هذا الوجه من الميرزا الشيرازى ، وأنّه بعد التأمّل يعلم أنّه حقّ معنى الرواية وأطرى في توصيفه ونقله آقا رضا الهمدانى في حاشيته على الرسائل أيضا. منهقدسسره الشريف.