الثاني : وهو عامّ لجميع الأمثلة وهو أن يقال : سلّمنا عدم إفادة القاعدة في نفس هذا المعنى الوحداني البسيط إلّا إحراز الحدوث ، وأمّا البقاء فمحلّه باق ولم يمض ، وإثباته محتاج إلى تعبّد آخر ، لكن نقول : يثبت البقاء بتعبّد آخر غير قاعدة التجاوز بعد إثبات أصل الحدوث بالقاعدة بضميمة القطع بعدم طروّ الناقض وحكم الشرع بثبوت الطهارة عند حدوثها إلى أن يرفعها الرافع.
وبعبارة اخرى : كما أنّه لو احرز بالقاعدة حدوث الطهارة على وجه الإطلاق يحكم بالبقاء ـ كما إذا شكّ بعد الوضوء في بعض أجزائه أو شروطه حيث تجري القاعدة في نفس الوضوء ويحرز بسببها حدوث أصل الطهارة على وجه الإطلاق المفيد لجميع الصلوات ، مع أنّ الكلام المذكور جار فيه بعينه ؛ إذ يمكن أن يقال : إنّ غاية ما أثبته القاعدة هو تماميّة الوضوء الموجبة لحدوث الطهارة ، وأمّا بقائها فبم يثبت؟ فيحتاج إلى ضميمة القطع بعدم طروّ الناقض وتعبّد الشارع ببقاء الطهارة عند حدوثها حتّى يجيء الرفع ـ كذلك لو احرزت الطهارة على وجه التقييد وبالإضافة إلى جميع أجزاء الصلاة المخصوصة أيضا يحكم بالبقاء لهذا الموضوع الخاص أيضا ؛ إذ التعبّد الشرعي بالملازمة بين الحدوث والبقاء لا فرق فيه بين كون الحدوث ثابتا على نحو الإطلاق أو لموضوع خاص.
مثلا لو قلنا : إنّ التيمّم سبب للطهارة في موضوع فاقد الماء لكان اللازم الحكم بالبقاء في هذا الموضوع أيضا ما لم يرفعها رافع ، كذلك نقول في المقام : إذا ثبت الحدوث لأجزاء الظهر بتمامها يثبت البقاء أيضا لتلك الأجزاء ما لم يحصل الناقض ، هذا تمام الكلام في أصالة الصحّة في فعل النفس.
* * *