وعلى القول الثاني فالمرفوع نفس الجزئيّة ، ويلزم التنويع في الخطاب وعدم الجزئيّة واقعا في خصوص ناسي الحمد ، ويؤيّد ذلك الروايات الدالّة على إجزاء الصلاة مع نسيان بعض الأجزاء ، مثل قوله عليهالسلام : لا تعاد الصلاة إلّا من خمسة ، الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود ، فإنّها على هذا حكم على وفق القاعدة بخلاف مبنى الشيخ ، فانّه يحمل هذه الأخبار على الحكم التعبّدي الوارد على خلاف القاعدة ، وأنّ عدم لزوم الإعادة من باب العفو والإسقاط عن المكلّف ما كان واجبا عليه.
فإن قلت : غاية ما يدلّ عليه الحديث نفي فعليّة الجزئيّة عن الجزء المنسى ، إذ هو المناسب للامتنان دون اقتضائها ، وحينئذ فيصدق الفوت فيجب القضاء ، لقوله : «من فاتته فريضة فليقضها».
قلت : بل يدلّ الحديث على رفع الاقتضاء أيضا ومناسبته للمنّة بعد ترتّب سقوط القضاء عليه واضح.
هذا كلّه في نسيان موضوع الجزء أو المانع ، مثل ما لو صلّى في جزء غير مأكول اللحم ناسيا كونه جزء غير مأكول اللحم.
وأمّا النسيان والجهل في أصل الجزئيّة والمانعية الذي هو حكم كلّى مثل نسيان أنّ الحمد جزء للصلاة ، أو أنّ وبر غير المأكول مانع ، أو الجهل بهما ، فيتعيّن القول فيه بعدم رفع نفس الجزئيّة والمانعيّة ، لا لعدم معقوليّة تخصيص الخطاب بالناسي ، بل لأجل لزوم تقييد وجود الجزئيّة والمانعيّة بقاء بالعلم بهما ، وأنّه بدون العلم لا جزئيّة ولا مانعيّة ، وهذا وإن لم يستلزم الدور لإمكان كون العلم بالحدوث موجبا للبقاء ، والشكّ في الحدوث مزيلا للبقاء ، لكنّك عرفت سابقا أنّه خلاف ظاهر تعليق الرفع على ما لا يعلمون ، حيث إنّه ظاهر في بقاء هذا الوصف في ظرف الحكم ، مضافا إلى كون ما ذكر تصويبا مجمعا على بطلانه.
وهذا بخلاف كون العلم داخلا في موضوع محمول كما في صورة الجهل بموضوع المانع، حيث إنّ ارتفاع المانعيّة واقعا عن الوبر الغير المعلوم كونه من غير