كما لو شكّ في الجهر بالقراءة بعد إتمام القراءة ، فإنّ محلّ الكيفيّة هو الشيء المكيّف ، أو في نفس العمل المأمور به بعد مضيّ محلّه ووقته مثل الشكّ في أصل الصلاة بعد الوقت ، فكلّ ذلك بملاك واحد محكوم بعدم الاعتناء ، وهو كون الشكّ بعد مضيّ محلّ المشكوك.
والعبارة وإن كانت قابلة للتطبيق على معنى آخر وهو الشكّ في جزء المركّب المأمور به أو شرطه بعد الفراغ منه ، بل قد يستطهر هذا المعنى بملاحظة أنّه لا يحتاج إلى تقدير المحلّ للمجاوزة والمضيّ ؛ لأنّ المتجاوز عنه على هذا هو المركّب ، وقد شككنا فيه ، أعني في جزئه أو قيده ، ولكن حيث قد طبّقت العبارة في صحيحة زرارة ورواية إسماعيل بن جابر على الشكّ في وجود الشيء بعد مضيّ محلّه كان هذا ـ بقرينة استبعاد إرادة معنيين من عبارة واحدة واردة في موارد ـ دليلا على إرادته في الخبرين الأخيرين أيضا.
فالمعيار في الكلّ شيء واحد وهو الشكّ في الشيء ، سواء كان جزءا ، أم شرطا ، أم وصفا كيفيّة ، أم عملا مأمورا به بعد مضيّ محلّه ، غاية الأمر في بعض المقامات لا يتحقّق المضيّ إلّا بالدخول في الغير كما في الأجزاء ، وقد يتحقّق بلا حاجة إلى الدخول في الغير كما مثّلنا من مثال الشكّ في الكيفيّة بعد الفراغ عن الذات ولو لم يدخل في الغير.
ولكن يرد على هذا الذي استظهرناه أنّه لا يتمّ في موثّقة ابن أبي يعفور بملاحظة الإجماع والأخبار الواردة بالاعتناء في باب الوضوء بالشكّ في أجزائه ما دام في أثنائه ولو دخل في الجزء الآخر ، ونحن وإن أرجعنا الضمير في غيره إلى الوضوء بقرينة هذا الإجماع والأخبار ، ولكنّ الذيل يفيدنا أنّ الصدر أحد مصاديق هذه القاعدة ، فيحصل المحذور وهو مخالفة الإجماع من جهة الذيل ؛ إذ بعمومه شامل لما إذا شك في أحد أجزاء الوضوء بعد الدخول في غيره مع كونه في أثناء الوضوء ، ولا يقبل التخصيص بهذا الفرد ، لأنّه من قبيل تخصيص المورد بخلاف سائر الأخبار.
وإن شئت قلت : قيد الدخول في غير الوضوء في مصداقيّة الشكّ في أحد أجزاء