من باب أنّ الحكم إذا تعلّق بالمعيّنات كما هو المفروض من كون القضيّة محصورة أو طبيعيّة ملحوظا فيها الطبيعة بالوجود الساري يتعلّق بالمهملة فيها أيضا بالتبع ، فيصحّ نسبة الحكم إليه بالحقيقة ، ولكن هذا الحكم المتعلّق بالمهملة بهذا النحو لا إطلاق فيه ولا تقييد ، وليس اختيار تطبيقه بيد المكلّف.
والحاصل فرق بين وقوع الأحد تحت الحكم أوّلا وأصالة. فحينئذ نحكم بمقدّمات الإطلاق بأنّ تطبيقه على كلّ مصداق شاء المكلّف جائز ، وبين المقام الذي وقع تحت الحكم بتبع الحكم على المصاديق ، فليس هذا الحكم بأزيد من علمنا ، لأنّا نعلم أيضا بأنّ الأحد لا منع منه ، ولكنّ الشأن كلّه في إثبات أنّ لنا اختيار تعيينه في ما شئنا ، وليس في البين مقدّمات إطلاق حتى نحكم بواسطتها بذلك ، هذا.
ولإثبات الرخصة في الواحد التخييري طريقان آخران ، الأوّل التمسّك بإطلاق المادّة بعد سقوط الهيئة في المعيّنات ، للزوم المخالفة القطعيّة والترجيح من غير مرجّح ، فيكون الحال كما لو ابتلي المكلّف بغريقين لا يقدر إلّا على إنقاذ أحدهما ، حيث إنّ الهيئة ساقطة ويحكم بإطلاق المادّة بمطلوبيّة الإنقاذ ، وحيث لا ترجيح فالعقل حاكم بالتخيير ، فكذا هنا بعد سقوط الهيئة للقصور اللفظي والمانع العقلي العقل حاكم بعد استظهار وجود مقتضيين للترخيص في الطرفين من إطلاق المادّة وعدم إحراز الأهميّة بالتخيير ، وليس الحكم من الشارع حتّى يقال بعدم الاستظهار من الدليل ، بل من العقل ، كما في أمثال المقام.
وفيه أنّ الفرق بين المقام ومثال الإنقاذ عدم ابتلاء المكلّف بجهة اخرى احتمل مزاحمتها لمطلوبيّة الإنقاذ ، ولهذا استقلّ العقل بالتخيير ، وأمّا هنا فيزاحم التخيير مع وجوب الموافقة القطعيّة الذي اقتضاه العلم الإجمالي ولم يحرز أهميّة مقتضى الترخيص عن هذا المقتضى لعدمه.
فإن قلت : كما يستكشف بإطلاق المادّة عن وجود المقتضي ، كذلك يستكشف به عن عدم المانع والمزاحم ، والمفروض تسليم كون الهيئة على تقدير جريانها في أطراف العلم مفيدة لحكم فعلي ناظر إلى جميع الطوارى حتّى هذا الطاري ، ولازم ذلك أنّها على تقدير السقوط أفادت مادّتها الاقتضاء الغير المزاحم بشيء في هذا الحال.