الثانية لان يكون محلّا للرفع ، ولا يجوز جعل الرتبة الثانية محلّا للرفع وعدم العلم معا ، لعين ما تقدّم في المبنى المتقدّم حرفا بحرف ، فيكون الحكم برتبته الاولى لا يعلم وبرتبته الثانية مرفوعا ، فيكون أيضا المرفوع غير نفس ما لا يعلم ، فلا يلزم أيضا اختلاف النسبة ، فلا بدّ إذن من التجوّز إمّا في النسبة وإمّا في طرفها ادّعاء.
وثانيا : سلّمنا اختلاف النسبة بمعنى كونها إلى الحكم المجهول إلى ما هو له ، وإلى الموضوع المجهول إلى غير ما هو له وأنّه لا جامع بينهما ، ولكن نقول : إمّا يخصّص الموصول حينئذ بالحكم فيكون مناسبا لمطلب الاصولي ومخالفا للسياق ، فإنّ النسبة في الأخوات يكون إلى غير ما هو له ، وإمّا يخصّص بالموضوع ، فلا يناسب بمطلب الاصولي ويكون موافقا للسياق ، وإذا دار الأمر بين هذين فالمقدّم هو ما يقتضيه ظاهر النسبة ، وهو كونه إلى ما هو له وإن كان فيه مخالفة السياق وفي خلافه موافقته ، فإنّ اتّحاد السياق ليس ظهورا حتى يصلح لمعارضة الظهور ، وإنّما هو من المؤيّدات.
وثالثا : سلّمنا أيضا اختلاف النسبة ، ولكن نقول : يمكن الجمع والإتيان بكليهما في نسبة واحدة ، فإنّ غاية ما يقال أنّ أفراد ما لا يعلمون بين طائفتين ، فطائفة تكون مرفوعة واقعا وهي الأحكام ، واخرى تكون مرفوعة أثرا وهي الموضوعات ، ولكن لنا أن نقول : يمكن فرض الثانية أيضا من المرفوع الواقعي ادّعاء ثمّ ينسب الرفع إليها وإلى الطائفة الاولى بنسبة واحدة ، فتكون النسبة إلى جميع الأفراد إلى ما هو له والمرفوع الواقعي ، غاية الأمر بعضها مرفوع واقعي جدّا ، وبعضها كذلك ادّعاء.
فهذا نظير ما لو رأيت عدّة من الرجل الشجاع وعدّة من الحيوان المفترس ثمّ قلت : رأيت اسودا ، ونظير ما نحن فيه واقع في القرآن وهو الآية الشريفة : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ) إلى قوله : «وأن تجمعوا بين الاختين» حيث إنّ نسبة «حرّمت» إلى «أن تجمعوا» يكون إلى ما هو له ، لأنّه من الأفعال ، وإلى ما تقدّمه إلى غير ما هو له ؛ لكونها من الأعيان ، وطريق التصحيح هو ما ذكرنا من