بها بما هي مشكوك الحكم الواقعي بلفظ واحد جامع بينهما مع كون الطائفتين مجعولتين بإنشاءين ، فهي بمكان من الإمكان ، كأن يقال : الأشياء كلّها مجعول في هذا الشرع طهارتها مطلقا في رتبة ذاتها ورتبة الشكّ في طهارتها حكما أو موضوعا. أو يقال : مجعول فيها الطهارة بالأعم من الواقع والظاهر.
والأوّل دليل اجتهادي لا ينفع معه حكم الشكّ في الشبهة الحكميّة ، والثاني يسقط عن الدليل الاجتهادي ؛ لأنّه بالفرض دليل على الأعمّ ، فينفع حكم الشكّ في الشبهة المذكورة.
فانقدح بما ذكرنا أنّ ما ذكره قدسسره الشريف لا يتمّ ، لا بحمل نسبة القضيّة على الإنشاء ، ولا بحملها على الإخبار ، أمّا الأوّل فلعدم المعقوليّة ، مع أنّ قوله قدسسره على تقدير عدم كون الشكّ من حالات الشيء بكفاية شمول العموم الفردي للشيء الذي يلزمه الاشتباه معناه كفاية تحقّق الحكم المتعلّق بذات الشيء في حال الشكّ في الحكم الظاهري ، فيرد عليه مع عدم صحّته في نفسه أنّ اللازم كما ذكرنا اشتمال كلّ حكم واقعي على ظاهري ، لثبوت الاطلاق الذاتي فيه.
وأمّا الثاني فلأنّ القضيّة على أحد الوجهين دليل اجتهادي ، ويلغو كونه دليلا فقاهتيّا في الشبهة الحكميّة ، وعلى الآخر لا يلغو كونه فقاهتيّا كذلك ، لكن ليس دليلا اجتهاديّا ، هذا.
وقد تبيّن من جميع ما ذكرنا أنّ القضيّة بصدرها وذيلها لكونها قضيّة واحدة لا يفي إلّا لبيان القاعدة أو الاستصحاب ، ودلالته على الاستمرار على تقدير إرادة القاعدة ليس استصحابا ؛ لأنّه في قضيّة «كلّ مشكوك طاهر» أيضا ثابت ؛ لأنّ معناه أنّه ما دام مشكوكا طاهر ، والتحقيق كما مرّ عدم كون مثل هذا استصحابا ، لاعتبار الفراغ عن أصل الطهارة فيه مع عدمه هنا ، كما تقدّم تفصيل ذلك.
نعم الكلام الذي ذكرنا في «لا تنقض» في وجه إمكان إرادة الاستصحاب وقاعدة تحصيل اليقين بالبراءة آت هنا أيضا حرفا بحرف في إمكان إرادة الاستصحاب والقاعدة فراجع.