النسبة الواحدة قد تتعلّق بالمحمول وهو ظاهر ، فيكون الغاية غاية للنسبة ، فالمقصود الحكم بأصل ثبوت الطهارة لكلّ شيء وهو الذي توجّه قصد المتكلّم إلى إلقائه إلى السامع ، والعلم بالقذارة غاية لهذا الحكم ورافعة له ، فيصير الشكّ داخلا في موضوع الحكم ، فكأنّه قيل : المشكوك طاهر ، وارتفاع الحكم حين حصول العلم لأجل ارتفاع موضوعه ، ككلّ حكم معلّق على كلّ موضوع ، وهذا أجنبيّ عن الاستصحاب.
وقد تتعلّق بالغاية ، فالذي توجّه هم المتكلّم نحوه هو بيان الغاية بعد الفراغ عن أصل ثبوت الطهارة ، فكأنّه قال : جعلت غاية الطهارة في كلّ شيء العلم بالقذارة ، وليس المراد أنّ كلمة «طاهر» حينئذ مستعمل بمعنى مستمرّ طهارته حتّى يكون الاستمرار بمفهومه الاسمي ملحوظا ، حتّى يرد أنّه ما الفرق بين جعل المحمول «طاهر» أو قولنا : مستمرّ طهارته.
فعلى كلّ منهما تكون الغاية للحكم ، فالقول بأنّه على الأوّل غاية الحكم وعلى الثاني غاية المحكوم به ، وغاية الحكم لا مذكورة ولا مقصودة لا وجه له ، بل المراد ما ذكرنا من أنّ النسبة التامّة تلحظ عند الغاية وتكون هي المقصود بالإفادة والاستفادة.
مثلا قد يكون أصل كون زيد في المدرسة مجهولا للمخاطب فنقول : هو في المدرسة إلى الليل ، فالمقصود بالإفادة أصل نسبة الكون إلى زيد ، والغاية غاية هذه النسبة التامّة.
وقد يكون المخاطب عالما بأصل كون زيد في المدرسة جاهلا بأمده ونهايته ، فيسألك إلى م يكون زيد في المدرسة؟ فتقول : إلى الليل يكون في المدرسة ، فقولك : يكون ، ليس بمعنى يستمرّ كونه ، بل بمعناه في محلّ آخر ، ولكن اتي به للفراغ عنه وتوطئة لذكر «إلى الليل» ، وليس المقصود الأصلي إلّا بيان نهايته إلى الليل ، فكأنّك قلت : غاية كونه الليل، لكنّ الفرق أنّك أفدت عين هذا بالمعنى الحرفي ، فالنسبة التامّة يكون تمامها بالغاية ، فلا تكون الغاية لهذه النسبة مذكورة ولا مقصودة.