وإن كان الشكّ لعدم تعيين الموضوع تفصيلا ، واحتمال مدخليّة موجود مرتفع أو معدوم ، حادث في موضوعيّة الموضوع ، فهذا غير متصوّر في المستقلّات العقليّة ، لأنّ العقل لا يستقلّ بالحكم إلّا بعد إحراز الموضوع ومعرفته تفصيلا ، لأنّ القضايا العقليّة إمّا ضروريّة لا يحتاج العقل في حكمه إلى أزيد من تصوّر الموضوع بجميع ما له دخل في موضوعيّته من قيوده ، وإمّا نظريّة ينتهي إلى ضروريّة كذلك ، فلا يعقل إجمال الموضوع في حكم العقل.
فإن قلت : كيف نستصحب الحكم الشرعي مع أنّه كاشف عن حكم عقلي مستقلّ، فإنّه إذا ثبت حكم العقل بردّ الوديعة وحكم الشرع على طبقه بوجوب الردّ ، ثمّ عرض ما يوجب الشكّ مثل الاضطرار والخوف ، فنستصحب الحكم الشرعي ، مع أنّه كان تابعا للحكم العقلي.
قلت : أمّا الحكم الشرعي المستند إلى الحكم العقلي فحاله حال الحكم العقلي في عدم جريان الاستصحاب ، نعم لو ورد في مورد حكم العقل حكم شرعي من غير جهة العقل ، وحصل التغيّر في حال من أحوال موضوعه ممّا يحتمل مدخليّته وجودا أو عدما في الحكم جرى الاستصحاب ، وحكم بأنّ موضوعه أعمّ من موضوع حكم العقل.
ومن هنا يجري استصحاب عدم التكليف في حال يستقلّ العقل بقبح التكليف فيه ، لكنّ العدم الأزلي ليس مستندا إلى قبح وإن كان موردا للقبح.
قال شيخنا الاستاد دام ظلّه نقلا عن سيّد مشايخه الميرزا الشيرازي وشيخهم الفاضل الأردكاني قدّس أسرارهما : إنّ ما ذكره قدسسره من أنّ إجمال الموضوع في الأحكام العقليّة غير معقول ، فيه أنّ الحكم بمعنى الإذعان الفعلي بالنسبة كذلك لا يقبل الإجمال في نظر المذعن، ولكن هذا ليس مناطا للحكم الشرعي.
والحكم بمعنى الملاءمة والمنافرة النفس الأمريّين الموجودتين لدى العقل الكامل وهو طرف النسبة التي هي متعلّق الإذعان يمكن إجمال موضوعه في نظر العقل ، ومرجع القول بعدم الإمكان أنّ العقل أبدا بين إدراك التمام وجهل التمام ولا واسطة