الضرري ، فنقول : قد ذكر شيخنا المرتضى قدسسره ضابطا لحكومة أحد الدليلين على الآخر ، وهو وإن كان صحيحا في نفسه ، لكن لا كليّة له ، ولا يجري في جميع الموارد الذي نقول فيها بالحكومة ، وهو أن يكون أحدهما بمدلوله اللفظي ناظرا إلى مدلول الدليل الآخر كذلك، وشارحا للمراد منه.
وبعبارة أخرى : كان منزلة الأوّل من الثانى منزلة «أى» و «أعنى» من مفسّرهما ، فكما يقدّم ظهور هذين في التفسير ولو كان في أدنى مرتبة على ظهور مفسّرهما ولو كان في أعلى مرتبة ، فمن هذا القبيل باب الحكومة أيضا ، ولازم هذا أن يكون الحاكم لو لا الدليل المحكوم لغوا ، لكونه مفسّرا بلا مفسّر ، ككلمتي «أى» و «أعني» إذا لم يسبقهما ما فسّراه ، وهذا كما ترى غير موجود في أدلّة الأمارات التي نقول بحكومتها على أدلّة الاصول؛ إذ لا يلزم لغويّة في قضيّة «صدّق العادل» لو لم يكن أدلّة الشكوك ، وهكذا الحال في مقامنا ، فلا يلزم لغويّة في قاعدة لا ضرر لو لم تكن إلّا نفسها.
فالأولى في تعيين الضابط الذي يشمل المقامين وأشباههما أن يقال : الدليلان المتخالفان تارة يكونان بحيث ينقدح في ذهن أهل العرف عند عرضهما عليهم التعارض والتكاذب ولو بدويّا ، يزول بعد العلاج بتقديم ما كان نصّا أو أظهر ، وهذا في ما إذا كان الحكم في كلا الدليلين على الموضوع الواحد مثل أكرم العلماء ولا تكرم الفسّاق من العلماء.
واخرى يكونان بحيث لا ينقدح في الذهن عند العرض عليه تعارض وتكاذب بين مدلوليهما حتّى يحتاج إلى الفحص عن العلاج ، وهذا في ما إذا كان الحكم في أحدهما على الموضوع ، وفي الآخر على الحكم ، وذلك مثل دليل «توضّأ» ودليل لا ضرر في الإسلام في مورد اجتماعهما وهو الوضوء الضرري ، فالأوّل ليس له نفي وإثبات في الحكم والإرادة ، وإنّما هما في الموضوع وهو الوضوء ، والحكم ملحوظ على المعنى الحرفي.
نعم مدلول الأصل العقلائي هو الحكم على هذا الحكم ملحوظا على المعنى