ورابعة يقال بأنّ لله تعالى أيضا حكما واقعيّا يشترك فيه العالم والجاهل ولا يتغيّر هذا الحكم بقيام الخبر على وفاقه أو خلافه ، ولكن في التديّن القلبى على طبق مضمون الخبر مصلحة يتدارك بها المصلحة الفائتة ، أو المفسدة الواقعة فيها من ناحية الواقع.
فإن قيل بالوجه الثالث فتارة يفرض الخبران في مورد واحد واخرى في موردين ، وعلى كلّ حال تارة يكونان مثبتين واخرى يكون أحدهما مثبتا وو الآخر نافيا.
فإن كانا في مورد واحد وكانا مثبتين مثل أن يكون أحدهما دالّا على وجوب الجمعة والآخر على حرمتها ، فإن كان أحدهما مطابقا للواقع فالآخر المخالف يحدث له مصلحة في المؤدّى تغلب على مصلحة الواقع ، فيصير الفعل مردّدا بين الوجوب والحرمة ، والمرجع فيه التخيير بحكم العقل ، وليس هذا من باب التزاحم بشيء.
وإن كانا مخالفين للواقع بحسب الواقع فاللازم لغويّة كليهما ؛ لأن كلّا من الخبرين يقتضي إحداث المصلحة الملزمة في أحد طرفي النقيض على خلاف ما يقتضيه الخبر الآخر فاللازم سقوط كليهما عن الأثر وصيرورة كلا طرفي الفعل والترك جائزا ، وليس هذا أيضا من التخيير في المسألة الاصوليّة الذي يحكم به العقل من باب التزاحم بين الحجّتين.
وإن كانا في مورد واحد وكان أحدهما مثبتا والآخر نافيا مثل أن يدلّ أحدهما على حرمة الجمعة والآخر على إباحتها فإن كان بحسب الواقع أحدهما مطابقا فالآخر المخالف هو المؤثّر ، وحيث إنّه مشتبه يتردّد أمر الفعل بين الإباحة والحرمة ، ومقتضى العقل فيه البراءة ، وعلى تقدير كونهما حسب الواقع مخالفين يلزم لغويّة كليهما ، فيبقى الفعل والترك كلاهما جائزين.
وإن كانا في موردين كأن يدلّ أحدهما على وجوب الظهر والآخر على وجوب الجمعة مع العلم بأنّ الواجب واقعا أحدهما فكلّ من الخبرين بالمدلول الالتزامي يدلّ على نفي مفاد الآخر فيرجع التعارض إلى المورد الواحد ، فمقتضى أحدهما