تكليف نفسه ، فتمّ أركان الاستصحاب في حقّه ، فيثبت الحكم في حقّه بالاستصحاب ، وفي حقّ غيره بأدلّة الشركة في التكليف.
وردّ عليه بعض الأساتيد قدسسره بأنّ أدلّة الشركة إنّما تدلّ على الاتّحاد فيما إذا تحقّق العنوان الذي به ثبت الحكم في حقّ الموجودين في حقّ المعدومين أيضا ، وكان الاختلاف في صرف الوجود والعدم في حال الخطاب ، لا فيما إذا لم يتحقّق هذا العنوان ، فلا يدلّ على أنّ الحكم الثابت للموجودين بعنوان المسافريّة مثلا ثابت للمعدومين وإن لم يتلبّسوا بهذا العنوان ، فكذلك من تيقّن بحكم لنفسه فشكّ ، إذا جرى في حقّه إبقاء حكمه السابق بالاستصحاب فلا تدلّ أدلّة الشركة على ثبوت هذا الحكم في حقّ غيره ، سواء انطبق عليه عنوان من تيقّن بتكليف نفسه فشكّ ، أم لم ينطبق.
أقول : ليس غرض شيخنا أن يستصحب الشخص المتيقّن في تكليف نفسه الشاكّ في بقائه ، ويكون هذا الاستصحاب نافعا بحال من ليس له يقين وشكّ ، كيف وهذا الكلام لا يصدر من أصاغر الطلبة ، فكيف من مثل شيخنا الأعظم قدّس الله تربته الزكيّة.
فالمقطوع أنّ غرضه بعد عدم التعرّض لحال الشخص المدرك للشريعتين ـ فلعلّه كان قاطعا بالنسخ أو بعدمه ـ إنّ لنا يقينا وشكّا بالنسبة إلى تكليف هذا الشخص ، فنحن نستصحب التكليف في حقّه ، لأنّ إبقاء تكليفه في الزمان المتأخّر موجب لتعيين التكليف في حقّ أنفسنا بأدلّة الشركة ، وهذا كلام متين ، إلّا أنّه يرد عليه أنّه ليس لهذا الاستصحاب أثر عملي ، فإنّ التكليف الثابت في حقّ أنفسنا ليس أثرا للتكليف الثابت في حقّ غيرنا ، وإنّما هما من باب المتلازمين في الوجود بأدلّة الشركة.
ومنها : العلم الإجمالي بالنسخ في كثير من أحكام الشريعة السابقة ، وما وصل إلينا من موارد النسخ قليل يقصر عن عدد المعلوم بالإجمال قطعا ، فلا يوجب انحلالا في العلم الإجمالي ، فالعلم الإجمالي في الموارد المشكوكة باق بحاله ، وقضيّته عدم جريان الاستصحاب في شيء من تلك الموارد ؛ للزوم المخالفة القطعيّة من جريانه