كونه دليلا على حجيّة الاستصحاب.
نعم لو كان معلوما من حال الشارع أنّ الحكم بالثبوت في تلك الموارد يكون لأجل الكون السابق ، كان دليلا على المدّعى من حجيّة الاستصحاب في الشكّ في الرافع وتردّد الأمر مع ذلك بين الاعتبار بحيثيّة وجود المقتضي ، والإلغاء لها حتّى يكون دليلا على حجيّة الاستصحاب حتّى في مورد الشكّ في المقتضي غير مضرّ ؛ لما أشرنا إليه سابقا من أنّه لو كان المتيقّن من الدليل حجيّة الاستصحاب في الشكّ في الرافع كفى في عدم الحجيّة في الشكّ في المقتضي ، ولا يحتاج إلى إثبات عدم الحجيّة في الثاني بالدليل.
هذا مع إمكان أن يقال : إنّ معنى التمسّك بالاستقراء أن يكون بنفسه مفيدا للقطع بالمدّعى ، وذلك لا يتمّ في المقام إلّا بوجود الدليل الخاصّ على الثبوت في كلّ مورد مورد من الموارد المذكورة ، ونحن إذا راجعنا الفقه وجدنا الأمر على خلاف ذلك ؛ فإنّ أغلب الموارد المذكورة ليس فيها سوى فتوى الأصحاب اتكالا على الاستصحاب ، فإن اتّكلنا نحن في تلك الموارد على فتواهم كان ذلك اتّكالا في حجيّة الاستصحاب على إجماعهم ، ويخرج عن باب التمسّك بالاستقراء وإن اتّكلنا على عموم أخبار عدم النقض كان أيضا خارجا عن هذا الباب ؛ لأنّ القطع بحجيّة الاستصحاب حينئذ حاصل من العلم بورود هذه الكليّة من الشرع لا من الاستقراء.
وأمّا ورود الدليل الخاص فنحن بعد التتبّع لم نعثر عليه إلّا في موارد ثلاثة ، الأوّل : عروض الخفقة والخفقتين بعد الوضوء والثاني : إعارة الثوب الطاهر للذميّ ، والثالث : عروض الشكّ في الطهارة عن الخبث المعلومة في السابق ، وحصول القطع من مجرّد هذه الموارد بعيد في الغاية.
وكيف كان فالمهمّ الآن التصدّي لبيان أنّ عدم جواز نقض اليقين بالشكّ على وجه الكليّة يمكن استفادته من الأخبار أولا؟ وهل يكون ناظرا إلى الاستصحاب أو إلى شيء آخر ، وعلى فرض الاستفادة يكون بأيّ مقدار.