لتصحيح وقوعها تحت الطلب ، حيث إنّ الطبيعة من حيث هي ليست إلّا هي ، ولا يعرضه شيء من الأشياء ولا يتّصف بوصف من الأوصاف ، وذلك لأنّ اعتبار الوجود الخارجي غير الفراغ عنه ، فلا يلزم طلب إيجاد الموجود أو طلب عدم إيجاد الموجود ، بل الطبيعة التي نراها في الخارج ، وبعبارة اخرى يوجد في الذهن على وجه الحكاية عن الخارج.
وإن شئت قلت : إنّ الخارج في هذا اللحاظ ظرف نفسها ، لا أنّ الخارج يرى ظرف وجودها قد يتعلّق بها طلب الايجاد في الخارج وقد يتعلّق طلب عدم الإيجاد ، فإنّ الطبيعة على الوجه المزبور يكون قابلا لعروض الوجود الخارجي والعدم الخارجي.
هذا في الفعل ، وأمّا الموضوع فينظر إليه بالنظر الحكائي عن الخارج ، ومع الفراغ عن الوجود والتحقّق في الخارج ، وينشأ الطلب بعد هذا اللحاظ ، فيكون منوطا ومشروطا بوجود الموضوع ، فلو لم يكن في الدنيا خمر مثلا فلم يتحقّق طلب لعدم تحقّق اللحاظ الذي صار الطلب منوطا به ، والحاصل أنّ الخمر المرئي موجودا في الدنيا إمّا محقّقا وإمّا مقدّرا يطلب من المكلّف عدم شربه ، فهنا يرى الخارج ظرفا لوجود الموضوع لا لنفسه فقط.
ثمّ اعلم أنّ هذا الفرق لا يوجب فرقا في جواز اجتماع الأمر والنهي وعدمه ولا في البراءة في الشكّ الموضوعي من الأقلّ والأكثر أو الحكمي في الفعل أو في الموضوع والاشتغال.
ووجه ذلك أنّ ملاك جواز الاجتماع هو تمايز موردي الأمر والنهي ، فإن كان تمايز حتّى في صورة كون المورد فردا بحيث أمكن حفظ الفرديّة مع التمايز والتعدّد في الذهن فلا فرق بين أن يكون الوجود الخارجي مفروغا عنه أو لم يكن ، وملاك البراءة والاشتغال هو تعدّي الطلب من الجامع إلى الفرد وعدمه.
فإن قلنا بالتعدّي إلى الفرد فهنا مورد البراءة ، وإن كان ذلك في الفعل الذي ليس الوجود فيه مفروغا عنه كما في العبادة على القول بالوضع للصحيح ووجود