لأمره ، فلو فرض خطاء اعتقاد الآمر وأنّ شرب السكنجبين غير دافع للصفراء فليس في ذلك على العبد حرج ؛ إذ تفويت الغرض ليس مستندا إلّا إلى نفس المولى ، ولا يرتبط بالعبد.
والحاصل أنّ الغرض بما هو ، غير موضوع للزوم التحصيل ، والآمر يريد أن ينال بغرضه بتوسّط الأمر الذي هو موضوع الإطاعة والحجيّة بين المولى والعبد ، فإن فرض القصور في أمره لم يكن تقصير من ناحية العبد.
وبعبارة اخرى أنّه يجب على العبد أن لا يفوّت الغرض من طريق مخالفة الأمر في ما كان وافيا ، وأمّا لو كان قاصرا فلم يحصل تفويت من ناحية مخالفة الأمر ، بل من ناحية قصور نفس الأمر وهو أمر يرجع إلى المولى دون العبد.
فنقول في ما نحن فيه : لم ينصب الشارع أمرا وخطابا واصلا إلينا إلّا في موضوع الأقلّ ونعلم أنّه أراد بذلك حصول فائدة وغرض ، فليس علينا البحث والفحص عن ذلك الغرض أزيد ممّا تحرّكنا هذا الأمر الواصل إلينا سمته وهو الأقلّ ، ولا نبالي مع موافقته أنّه هل يحصل ذاك الغرض الداعي إلى هذا الأمر بإتيان الأقلّ أولا ، فإن كان مع ذلك قصور فهو من غير ناحيتنا.
والحاصل أنّه إذا فرض أنّ المولى يحصّل الغرض من طريق الأمر ، ولا يكون له طريق آخر غيره ، ويكون هذا الطريق أيضا غير محرّك إلّا سمت الأقلّ فلا يبقي حينئذ حجّة للمولى لو فات غرضه ، أمّا انحصار الطريق في الأمر فقد مرّ وجهه ، وأمّا عدم محرّكيّة أمره إلى غير سمت الأقلّ فهو أنّ الأمر إنّما هو علّة محصّلة لمتعلقه ومحرّكة للعبد نحوه ، فحاله في التحريك ليس بأعلى من العلل العقليّة ، حيث إنّ العلّة العقليّة تكوّن المعلول في الخارج ، والأمر أيضا يقتضي تكوّن المأمور به من جوارح المأمور ، والمأمور به في المقام هو المهملة بين المطلق والمقيّد أو ذات الأقلّ ، ولا يعقل في العلّة العقليّة للمهملة أو ذات الأقلّ أن تكوّن القيد أو الجزء الزائد ، فكذلك الحال في الأمر.
فإذا قال المولى : اقرأ فقرأ ، فقال : اركع فركع ، فقال : اسجد فسجد ، فقال : تشهّد