شيئا كان من مقوّمات نفس المطلوب كما هو واضح ، فعلى هذا التقدير المطلوب هو الطبيعة المهملة وحدها ، فإذا دار الأمر بينه وبين التعلّق بالمقيّد كان الأمر دائرا بين تعلّق الطلب بالمهملة فقط أو بها مع شيء آخر ، فيكون الطلب للمهملة معلوما ولغيرها مشكوكا.
بقي الكلام في الإشكال الذي وجّهه شيخنا المرتضى على البراءة وأجاب هو قدسسره عنه بجواب غير مرضيّ ، وحاصل الإشكال أنّه لا شبهة في أنّ خطابات الشرع على ما هو التحقيق بين العدليّة مبنيّة على مصالح في المأمور بها ، وأنّ الواجبات الشرعيّة ألطاف في الواجبات العقليّة ، وإذن فاللازم على العبد في مقام الامتثال تحصيل تلك المصلحة التي نشأ الأمر من قبلها ، ووجه لزوم ذلك أنّه يجب عليه عقلا إسقاط أمر المولى عن نفسه ، وإذا كان منشأ أمره تلك المصلحة فما دام تلك المصلحة باقية غير حاصلة كان الأمر باقيا.
وبعبارة اخرى : كما أنّ المصلحة كانت علّة محدثة للأمر تكون مبقية له أيضا قطعا ؛ إذ العلّة المحدثة مبقية ، فيتوقّف إسقاط الأمر الواجب على العبد على إتيان تلك المصلحة التي هي علّة له ، وعلى هذا فيجب الإتيان بالأجزاء المشكوكة والقيود المحتملة لأجل إحراز تلك المصلحة وإن كان الأمر غير معلوم إلّا بالنسبة إلى المجرّد عنها ، فوجوب تحصيلها يكون للجهة المذكورة لا لتعلّق الأمر بنفسها.
وحاصل ما أجاب به شيخنا وجهان ، الأوّل : إنّا نفرض كوننا أشعريّين ونتكلّم على هذا الفرض وهم غير قائلين بابتناء الخطاب على المصالح.
والثاني : أنّ تحصيل تلك المصلحة أمر لا يتمكّن منه على وجه الجزم على كلّ حال ولو اتي بالأجزاء والشرائط ، وذلك أنّ من المحتمل دخل النيّة على وجه الجزم في مقرّبيّة العبادة وكانت المصلحة العبادية متوقّفة عليه وغير حاصلة بدونه ، ومن المعلوم أنّ ذلك الجزم غير متمشّ مع إتيان الأكثر ؛ لعدم تميّز الواجبات عن غيرها.
فعلم أنّ مع إتيانه أيضا لا يحصل العلم بحصول المصلحة ، وبعد العجز عن ذلك