وحينئذ فنقول : لو أراد مولى ظاهري من عبده إنقاذ ابنه ، وعلمه العبد مشتبها بين أشخاص فشخّصه نفس المولى بطريق يثق به أو بعلم نفسه فاقتصر العبد على إنقاذه دون الباقين ، ثمّ ظهر خطاء طريقه وعلمه وكون الابن في الباقين ليس للمولى عتابه بأنّك كنت عالما فلم لم تحتط ، فإنّه يقول : ليس هذا بتقصير منّي ، بل بخطاء طريقك أو علمك ، فالعلم في خارج دائرة الطريق يصير ملحقا بالشكّ البدوي ، وكذلك الحال في المولى الحقيقي بعد ما شخّص مراداته في مقول قول الثقة ، فإنّ الواقع إمّا موجود في جميع الأطراف ، أو أزيد من واحد ، فاللازم حينئذ تنجيز الجامع ، وإمّا في واحد فقط فاللازم تنجيز هذا الشخص.
وعلى كلّ حال تطبيقه على مؤدّى قول الثقة متعيّن ، أمّا في الأوّل فلأنّه مصداق الجامع ، وأمّا في الثاني فلأنّ الطريق كما يثبت الواقع في ما قام عليه ينفيه عن الطرف الآخر بالملازمة ، وقد حقّق في محلّه لزوم الأخذ بلوازم الطرق ولو كانت عقليّة ، وعلى كلّ حال فاللازم صرف تنجيز العلم عن الطرف الآخر وانحصاره في ما قام عليه الطريق.
وبالجملة ، عين ما قلناه في العلم التفصيلي المتأخّر في موضوع الانكشاف من أنّه ليس هنا صورة الجامع محلّا للإجمال وصورة الفرد محلّا للتفصيل حتّى لا يتنافيا كالعلم والشكّ ، بل محلّ الوصفين صورة واحدة وهي صورة الجامع ويستحيل اتّصافها بالإجمال بعد عروض التفصيل ، بقوله بعينه في الطريق المتأخّر في أثر ذلك الانكشاف وهو التنجيز ، فنقول : أثر العمل تنجيز صورة الجامع تنجيزا إجماليّا ، وأثر الطريق تنجيز تلك الصورة بعينها تنجيزا تفصيليّا ، وكما لا يمكن اجتماع الانكشاف بوجه الإجمال والتفصيل في الصورة الواحدة كذلك لا يمكن اجتماع التنجيز بوجه الإجمال وبوجه التفصيل فيها أيضا بلا فرق.
إن قلت : سراية التنجيز إلى الجامع الذي نجّزه العلم وإن كان ممكنا غير مستحيل بملاحظة لزوم تحصيل الحاصل وأنّ المنجّز لا ينجّز ، فإنّ ذلك منقوض بالعلم التفصيلى ، ولكن لا دليل عليها ، فمن الممكن قيام التنجيز المسبّب عن العلم