بالجامع والمسبّب عن الطريق بالشخص كالعلم والشكّ ، فيكون الثابت عند مخالفتهما ومصادفتهما عقابين.
قلت : الوجدان حاكم على خلافه ، فإنّه يرى حال طريق المولى حال علم المولى ، فكما أنّه لو علم المولى بتشخيص مراده في أحد الأطراف لا شبهة في تأثير ذلك في تنجيز المعلوم بالإجمال وقصره على مورده وأن لا يكون العبد في قيد الواقع على تقدير كون علم المولى الظاهري خطأ وجهلا مركّبا ، كذلك حال طريق أعمله نفسه في تشخيص مراده ؛ إذ معنى ذلك أنّه يرفع مئونة التشخيص عن عبده وتكفّل بنفسه لذلك ، ولازم ذلك أن يكون مراداته في غير موارد تشخيصاته مع بقائها على وصف المراديّة وعدم الإغماض عنها عارية عن وصف التنجيز على العبد.
والحاصل أنّ العلم الإجمالي ما دام لم يحصل التشخيص بالعلم أو ما هو بمنزلته إمّا من العبد وإمّا من المولى يؤثّر في تنجيز كلا الطرفين ، أمّا بعد ذلك يصير المنجّز منطبقا على المشخّص ، فحال علم المولى حال علم العبد ، وحال طريقه حال طريقه ، ألا ترى أنّ العبد لو كان مطلوب نفسه إكرام الصديق فاشتبه بين شخصين ثمّ شخّصه في أحدهما بطريق عقلائي كان معاملته مع الآخر معاملة الشبهة البدويّة ، كما في صورة العلم بلا فرق.
ثمّ إن شئت سمّ هذا الوجه انحلالا حكميّا بملاحظة بقاء صفة العلم وانحلال أثره وحكمه وهو التنجيز ، وإن شئت سمّه حقيقيّا بملاحظة أنّ العلم يكون موضوعا لحكم العقل بجامع كونه منجّزا ، حتى يرجع إلى الوجه الثاني من الوجوه المتقدّمة ، ولا يرد الإشكالان السابقان ، أمّا عدم مساعدة الوجدان على عدم العقوبة في ما ارتكب كلا الطرفين وكان الواقع في غير ذي الطريق ، فلا نسلّم ؛ لأنّ حاله حال العلم التفصيلي بعينه ، ويجري أيضا في ما حدث الأمارة بعد العلم في الموضوعيّة ، لأنّ الإجمال السابق يصير من هذا الآن مرتفعا ، كما في الشكّ الساري والعلم التفصيلي المتأخّر ، فتدبّر.