ببدلها ، فالمدّعى في صورة الإتيان بمورد الطريق أنّه فرغ عن هذه التبعة لأجل أنّه أتى ببدل الموافقة الواقعيّة ، ولا يلزم من هذا فراغه في صورة لم يأت بشيء من الموافقتين ، هذا.
ولكن هذا البيان أيضا يرد عليه إشكال آخر لو حصل الذبّ عنه أيضا كان بيانا تامّا ، وبيان الإشكال يتوقّف على مقدّمة ، وهى أنّه لو علم بالتكليف في أحد أمرين فارتكبهما وخالف علمه في كليهما فاتّفق وجود التكليف في كلا الأمرين فلا إشكال أنّه مستحقّ لعقوبة واحدة وإن صدر منه مخالفتان للواقع ؛ لأنّه إنّما يستحقّ بمقدار علمه ، والمفروض أنّه تعلّق بتكليف واحد ، وهذا واضح لا سترة عليه ، إنّما الكلام في أنّ هذه العقوبة الواحدة التي يستحقّها في هذه الصورة هل هي لأجل عدم صدور موافقة واحدة منه، أو هي لأجل صدور مخالفة واحدة منه.
وتظهر الثمرة بين الوجهين في هذه الصورة لو أتى بأحد الأمرين وترك الآخر ، فعلى الأوّل لا يستحقّ عقوبة ، لصدور موافقة واحدة منه ، وعلى الثاني يستحقّ ، لصدور مخالفة واحدة منه أيضا ، وحيث إنّ الأوّل ممّا لا يساعده الوجدان يتعيّن المصير إلى الثاني ، وحينئذ فالإشكال على الوجه المزبور أنّ مبناه الاكتفاء في مقام الامتثال بموافقة واحدة ، وقد كان الوجدان حاكما بلزوم ترك مخالفة واحدة.
والذي ينبغي أن يقال في التفصّي عن الإشكال أنّ الطريق الشرعي عبارة عن طريق اعتمد عليه الشرع ، ومعنى اعتماده أنّه رأى مطلوباته في مؤدّيات هذا الطريق ، وهو ألغى احتمال الخلاف فيه ، ولازم هذا صيرورة التكليف المتعلّق بالعناوين الواقعيّة ساقطة عن التأثير وصرف تنجّزها إلى مؤدّيات هذا الطريق ، وليس هذا تقييدا في الواقعيّات.
ألا ترى أنّك لو كنت محبّا لإكرام الصديق فشخّصته بطريق اعتمدته في شخص لا يشكّ في حمل عنوان الصديق عليه مع عدم تغيير حبّك عن عنوان الصديق الواقعي.